@salemalyami
الحياة الطبيعية وربما العادية والعادية جدا في هذا الزمان لا تخلو من تعلق الإنسان أيا كان عمره وميوله وطبيعة عمله بالفضاءات الافتراضية التي تستقطع كثيرا من وقته في متابعة التطبيقات المثبتة على هاتفه الذكي.
منذ العام ألفين وسبعة أو بعد ذلك التاريخ بقليل أنشأت أول حساب لي على منصة الفيسبوك وكنت حينها أعمل في البلاد التونسية وأعتقد أن تأثير الناس ومسار التفضيل الجمعي أثر في اختياري حيث في عدد من الدول العربية مشارقية ومغاربية تطبيق الفيسبوك هو الأكثر شهرة واستخداما بين الناس، وبقيت من ذلك التاريخ وفيا لهذا التطبيق وللصداقات والفوائد التي تتحقق لي. في الفيسبوك أكثر من نوع من الذين يرسلون طلبات الصداقة ومن تجربة قل أن يكون من بين هذه الأنواع التي عرفتها خلال هذه السنوات من يود التعارف من أجل المعرفة وتبادل وجهات النظر أو بناء الصداقات على غرار ما كان يحدث في سبعينيات القرن الماضي مما كانت تزخر به الصحف من أسماء وصور باحثين وباحثات عن صداقات وتعارف لا أكثر. في الفيسبوك صدمني عدد الذي يرسلون طلبات الصداقة تحت اسم الشيخ أو الشيخة فلانة وبعد قبول الصداقة مع بعضهم وتتاح الفرصة لأول حديث مكتوب أو نصي عبر تقنية ماسنجر الفيسبوك يتبين أن الشيخ أو الشيخة من بلدان أفريقية غير عربية ويتحدثون عربية غير دقيقة وغير صحيحة أو كما نقول مكسرة ولكي يتجنبوا الإحراج في موضوع اللغة يرسلون رسالة مطولة مكتوبة بعناية ومنسوخة على أجهزتهم الخلوية يعددون فيها الخدمات التي يمكن أن يقدموها والتي أيسرها حسب أكثر من رسالة تلقيتها فك السحر وجلب الحبيب وتكثير الرزق، في إحدى المرات سألت شخصا يعرف نفسه بأنه شيخ من بلد أفريقي عن معنى تكثير الرزق أو المال، لأنني ربما أفهم مثل غيري ضمنا المعنى العام لفك السحر ولجلب الحبيب. فقال لي الرجل إنه سيرسل لي خاتما بمجرد أن البسه سيجري الرزق في يدي وأن أي مبلغ امتلكه بأي عملة سيتضاعف في أسوأ الحالات إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف. ويسرف الرجل في تعداد العشرات الذين أصبحوا مليونيرات بفضل هذه الطريقة من أبناء بلدي، العجيب أن الرجل يطلب مبلغ أربعمائة دولار نظير هذه الخدمة فاقترحت عليه أن أرسل له دولارا واحدا وهو بطريقته السحرية يضاعفه حتى يصبح بنكا مركزيا، عندها فهم أنني أسخر منه وهرب بحجبي قبل أن أقوم أنا بذات الشيء معه. من الجنسيات العربية التي تسرف في طلب الصداقة جنسيتان لبلدين عربيين غير مستقرين وبمجرد أن يتم قبول طلباتهم يمطرون من يقبل صداقتهم خاصة من الذين يرتدون الزي الخليجي بكثير من الإيمان أنهم مهجرون وأن الحرب استنفدت مدخراتهم وأنهم سبع بنات ثلاث منهن معاقات ويحتاجون للغذاء والدواء. في الفضاء الافتراضي لا يمكن تصديق أي رواية نسمعها، ويصعب أن نشرح لكل شخص أن التحويل مباشرة لأي شخص أمر ليس متاحا وأن لدينا في المملكة جهات رسمية تنظم هذه العملية لتعرف أين تذهب أموال الناس. ومع ذلك تكشف لنا هذه التقنية بساطة البعض وسذاجة البعض الآخر، وهذا موضوع قصص كثيرة ربما نكتب عنها في فرصة قادمة.