جرائم وأهوال ومآسٍ كشفها المرصد السوري لحقوق الإنسان على لسان أحد الفارين من أحد المعتقلات التي تسيطر عليها الميليشيات في ليبيا، وتحديدًا في المنطقة الغربية.
وقال المرصد إن المعتقل تمكن من الهرب بعد دفع فدية مالية، بينما لا يزال عدد من مواطنيه السوريين يعانون الأمرين بمراكز الاحتجاز، مشيرًا إلى أن هؤلاء المهاجرين هربوا من ويلات الحرب والدمار في بلادهم، لكنهم وقعوا في فخ الأسر والتعذيب على أيدي عناصر الميليشيات المسلحة.
ممارسات لا إنسانية في معتقلات الميليشيات
تحدث السجين السابق للمرصد السوري عن معاناة العشرات من أبناء جلدته الذين استقلوا قوارب الموت في هجرة عذاب جديدة آملين الوصول إلى أحد شواطئ الأمان، فكانت ليبيا محطتهم إلى العبور والخلاص من الأوضاع المزرية، لكن آمالهم تحطمت بعد القبض عليهم من قبل ميليشيات احتجزتهم بأحد المراكز التي تجسدت فيها كل ممارسات القهر والتعذيب والإذلال والتجويع، في ظروف صحية غاية في السوء والتلوث.
وأضاف أن حوالي 300 سوري يقبعون في غياهب تلك المعتقلات التي لا ينجو من ويلاتها سوى من تدفع له أسرته فدية لإطلاق سراحه، مشيرًا إلى أن الفدية تبلغ قيمتها 2500 دولار لكل شخص، ولفت إلى أن الميليشيات تعمل على ابتزاز المحتجزين وتستخدمهم كمصدر ومورد مالي، دون وزاع ديني أو أخلاقي.
وتابع: "كنت مسجونا وتمكنت من مراسلة أخي بعد محاولات عديدة مريرة، من خلال تكليف أحد المحتجزين الذي كان يستعد للمغادرة بعد دفع فدية، لإنقاذي بتوفير مبلغ مالي لفك أسري، لقد عشت كوابيس قد لا يتخيلها العقل في بلد عربي، ولا تزال حالة الرعب وصور المآسي التي شاهدتها وعاشها غيري من المعتقلين تحط بثقلها على صدري".
محتجزون ينتظرون «الفدية» لإطلاق سراحهم
أضاف المعتقل السابق: "هناك محتجزون تونسيون ولبنانيون ومصريون وأفارقة من جنسيات مختلفة في مناطق جنوب الصحراء، كلهم يعيشون الكابوس نفسه وينتظرون ساعة الفرج بإطلاق سراحهم، لكن مأساتهم أصبحت مضاعفة لعدم وجود أمل في توفير المبالغ الضخمة التي تفرضها الميليشيات التي لا تعرف سوى منطق القوة والابتزاز".
وعن ظروف المعيشة للمعتقلين، قال: "لا نحصل سوى على حفنة من الأرز أو المكرونة المسلوقة بماء مالح، في حين يتغذى علينا القمل والبكتيريا بأنواعها والجرب والأمراض المعدية، ولا تزال صور بعض الأشقاء الأفارقة تستفز الضمير وهم مجردون من ملابسهم الرثة أصلًا وينهشهم الدود، في مشهد تذوب له القلوب".
ولفت إلى وجود عدد كبير من النساء والأطفال من جنسيات مختلفة، فيما قدم وثائق تثبت حقيقة شهادته تمثلت برسائل من محتجزين سوريين إلى عائلاتهم من أجل العمل على إخراجهم من هناك بأي ثمن.
تعذيب مهاجرين في سجن «معيتيقة»
ناشد المرصد السوري لحقوق الإنسان التدخل العاجل لإخراج السوريين من هذا الجحيم ومساعدتهم للخلاص من هذه المحنة القاسية، في وقت أشار فيه الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة إلى أن بعثة الدعم في ليبيا وثّقت حالات تعذيب في سجن «معيتيقة» والعديد من مراكز الاحتجاز التي يديرها جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في مدينة الزاوية، وداخل العاصمة طرابلس وما حولها.
وغرقت ليبيا، الدولة الغنية بالنفط، في حالة من الفوضى عقب الإطاحة بالرئيس السابق معمر القذافي عام 2011، وبرزت كنقطة عبور رئيسية للمهاجرين الفارين من الحرب والفقر في إفريقيا والشرق الأوسط، إلى أوروبا.
واستغل مهربون هذه الفوضى، في عمليات تهريب للمهاجرين عبر قوارب مطاطية أو خشبية مهترئة تشق طريقها في البحر المتوسط نحو أوروبا، في رحلات محفوفة بالمخاطر.