يصنِّف علماء النفس والسلوك الإنساني أن للإنسان أخطاءً وعيوبًا، فالخطأ هو مجانبة الصواب دون تعمُّد، ومع التكرار ينتهي الخطأ ويصبح صوابًا، إن تكرر دون تصويب أو كان متعمّدًا فيصبح هنا عيبًا، ومجرد عدم الرغبة في التصحيح أراه نوعًا من العمد.
من المؤسف أن الكثير لا يفرِّقون بين الخطأ والعيب، بل كثيرون يعتبرون الخطأ عيبًا، وتجد مَن يعاقب أبناءه على الخطأ وكأنهم اقترفوا عيبًا حتى وإن كانوا أطفالًا غير مميزين، فإلى هؤلاء أقول ما قاله "عليه الصلاة والسلام": (كل ابن آدم خطَّاء وخير الخطّائين التوابون)، فالإنسان في الأصل هو مخطئ فيقوِّم خطأه ليصبح صوابًا. يقول سبحانه في القرآن الكريم: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)، وهنا اقترن الخطأ بالنسيان أي السهو وعدم القصد. والسؤال هنا: يا تُرَى كم من طفل وُبِّخ على خطأ، وتغيَّرت بوصلته من اتجاه إلى آخر، الخطأ هو بوصلة الصواب، فهو الذي يحدّد الوجهة الصحيحة مرة بعد مرة حتى تصل إلى أكبر قدر من الدقة ويُتجنب العيب، كثيرًا يتردد في مجتمعنا (لا تسوي خطأ تراه عيبًا)، دون التفريق بينهما، وإلى معانيهما الشاسعة فرقًا ظاهرًا وباطنًا. يقول الأولون (العود على أول ركزة)، ومن شبَّ على شيء شاب عليه، تعليم النشء ابتداءً من المنزل، وانتهاء بآخر سنوات الوظيفة هو مسؤولية كبيرة، فالأخطاء حتمية التوقع، وبالتالي حتمية قبولها، المشكلة فيمَن يرفضون الأخطاء تمامًا، ويريدون الصواب من أول مرة، هؤلاء مَن يعاكسون الحياة وينكسون معادلاتها الطبيعية والفطرية قبل الرياضية، كما تنكّس الأعلام في الحداد.
الموضوع قد يراه البعض سهلًا و(مهب مستاهل) وفضلًا أيها الكاتب لا تشغلنا بتوافه الأمور، وقد عشنا كذلك طوال السنوات، وردّي لمَن يتبنّى هذا الكلام أن الإنسان يكبر ويتغيَّر ومَن لا يتغيَّر فهو ليس بطبيعي ولا يدرك ما حوله وأقصد هنا بالتغيير أي التطوير والتجديد والتنوع.
قرأتُ مرة عن اليابانيين أنهم يصنّفون الأشخاص الذين لا تتغيَّر حياتهم كل خمس سنوات أنهم يحصلون على أدنى درجات النجاح في حياتهم ومحيطهم، ولا أستطيع أن أخطّئهم، فهم أمة لها عنوان في التطور لا يجاريهم إلا القلة، ومع ذلك فقد أخطأوا وأخطأوا حتى وصلوا إلى الإمبراطورية التي هم عليها، وسيتغيَّرون بعدها أيضًا.. وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل، أودِّعكم قائلًا: (النيّات الطيبة لا تخسر أبدًا)، في أمان الله.
@Majid_alsuhaimi