حدد خبراء ومختصون مجموعة من الفرص المتاحة أمام صناعة السينما السعودية التي تشهد نموًا متصاعدًا خلال الفترة الأخيرة، بعد تجاوز تحديات جرى تشريحها وتقديم مقترحات وحلول لها، وذلك في إطار دعم الحراك السينمائي، وتطوير القطاع وبيئة الإنتاج المحلية.
جاء ذلك خلال أربع ورش عمل أقامتها هيئة الأفلام السعودية، بالشراكة مع موقع «سوليوود» السينمائي، خلال الفترة من 20 سبتمبر حتى 26 أكتوبر الجاري، تنوعت بين دراسة واقع صناعة السينما وحجم الإنتاج وجودته، وخصائصه، وأنواعه، مرورًا بالتحديدات التي تشكل عائقًا أمام مزيدٍ من النمو، وصولاً إلى القطاعات المرتبطة، سواء الإعلام السينمائي، أو التسويق.
تحديات وفرص الإعلام السينمائي بالمملكة
الورشة الأولى، التي أُقيمت الثلاثاء 20 سبتمبر، ناقش خلالها مختصون في السينما والإعلام، التحديات والفرص أمام الإعلام السينمائي بالمملكة، عن طريق تشريح واقع الإعلام السينمائي المحلي، وخصائص الإعلام المتخصص في السينما، بالإضافة إلى استعراض واقع السينما ومتغيراتها ومستقبلها في ضوء استراتيجية هيئة الأفلام.
وتطرق المشاركون أيضًا إلى أشكال الإعلام السينمائي وقوالبه الفنية في التجارب العالمية والمحلية، ودور الإعلام السينمائي بين العلاقات العامة والوظيفة الصحافية، ورصد واقع التغطية الصحافية للأحداث السينمائية في السعودية، سواء على الصعيد المحلي، أو تغطية وسائل الإعلام السعودية للمهرجانات والفعاليات والأحداث السينمائية العالمية ومستويات التفاعل معها.
وحاول المختصون اكتشاف الفرص ومواجهة التحديات في مجال صناعة المحتوى الإعلامي السينمائي، من خلال تحديد الفرص الوظيفية للإعلام السينمائي، مثل التسويق السينمائي والجماليات، وتوثيق التجربة؛ بالإضافة إلى فرص الجماهيرية والانتظار من خلال الصحافة والمحتوى الرقمي السينمائي، وإمكانية الحصول على الرعاة والإعلانات المدفوعة.
وخصصت الورشة جانبًا من النقاش حول التحديات الخاصة بالمؤسسات الإعلامية، مثل: الظروف الاقتصادية، وتأهيل الصحافي السينمائي، والقدرة التحليلية النقدية، فضلاً عن تحديات قصور ميزانيات الإنتاج، وتخلفها عن التسويق الإعلامي.
وبعد نقاشات تفاعلية، حدد المختصون مجموعة من التوصيات، أبرزها ضرورة إقامة برامج تدريبية وورش عمل متخصصة للإعلاميين وصناع المحتوى السينمائي والنقاد بشكل دوري، للتعرف بشكل أعمق على صناعة السينما من الداخل، بالإضافة إلى الحاجة إلى نشر ثقافة صناعة المحتوى الإعلامي السينمائي بقوالب جديدة تركز على المحتوى أكثر من تركيزها على النجوم فحسب.
ونصح المختصون بضرورة الخروج من دائرة التقليدية للمساهمة في رفع ذائقة الجمهور وإثارة شغفه، ودعم الجهود الصحفية والإعلامية المحلية لزيادة المحتوى التحليلي النقدي من منظور سينمائي، وإبراز الحراك السينمائي السعودي المحلي من خلال وسائل الإعلام المحلية التقليدية وغير التقليدية إقليميًا؛ للوصول إلى الجمهور الخارجي.
سينما الطفل.. الفرص والتحديات
وفي ورشة أخرى أقيمت في الأول من أكتوبر الجاري، تطرق المختصون والخبراء المشاركون إلى التحديات التي تواجه سينما الطفل وسُبل التغلب عليها، من خلال توضيح أهمية السينما وتأثيرها على الأطفال، ومفهوم سينما الطفل، وأبرز الخصائص التي تميز هذا النوع من المحتوى السينمائي.
وحاول المشاركون تحديد عدد من الفرص أمام سينما الطفل، أبرزها غياب المنافسة المحلية والعربية مما يفتح آفاقًا جديدة للإبداع والتميز، ووجود بعثات في مجال الأفلام إلى نخبة من أفضل الجامعات العالمية. لكن محدودية الاهتمام بالمبادرات المحلية، وضعف الإنتاج المحلي، والتكلفة الإنتاجية الباهظة، وعدم وجود منصات متخصصة للطفل؛ تمثل تحديات مهمة في هذا القطاع، فضلاً عن غياب البحوث العلمية الكافية، وقلة كتَّاب السيناريو المتخصصين، وغياب التجارب السابقة.
وبناء على الفرص والتحديات السابقة، أوصى الخبراء والمختصون بتأسيس مهرجان متخصص في سينما الطفل، وإنشاء قاعدة بيانات تجمع المختصين والمهتمين بسينما الطفل لتسهيل التواصل بينهم وتحقيق التكامل في المجال، بالإضافة إلى إيجاد آلية لترشيح واكتشاف المواهب من الأطفال للمشاركة في الأفلام السينمائية، واستحداث تخصصات أكاديمية متخصصة في سينما الطفل.
دور قطاع الأفلام السعودي في دعم الاقتصاد المحلي
وتناولت الورشة الثالثة، التي أُقيمت الاثنين 17 أكتوبر بمدينة الرياض، دور قطاع الأفلام السعودي في دعم الاقتصاد المحلي بمشاركة نخبة من المختصين في قطاع السينما والإعلام المرئي، تحدثوا خلالها عن حجم سوق الأفلام في المملكة، ودور قطاع الأفلام في دعم الاقتصاد المحلي، والفرص المهنية المتاحة بقطاع الأفلام في المملكة، خصوصًا في ظل الدعم الحكومي الحالي والمبادرات الرسمية، وجهود القطاع الخاص، والقطاع الثالث، للارتقاء بالصناعة.
وبعد استعراض الفرص، تطرق المتحدثون إلى أبرز التحديات التي تواجه قطاع الأفلام السعودي أمام المستثمرين المحليين والأجانب، وسبل تجاوز التحديات وزيادة دمج قطاع الأفلام في سوق العمل، ومدى قدرة الكوادر البشرية المحلية في الوقت الحالي على تغطية سوق العمل في قطاع صناعة الأفلام، وتأهيل جيل جديد من الكوادر.
وفي النهاية، بلور المختصون مجموعة من التوصيات، من بينها: ضرورة دراسة وتقييم مخرجات الدعم المالي للأفلام بشكل مستمر، والاهتمام بنوعية الإنتاج وجودته بغض النظر عن الكم، بالإضافة إلى زيادة الاهتمام بتأهيل الكوادر المحلية في كافة المهن السينمائية وتوسيع نطاق التدريب المتخصص، وإيجاد مواسم لصناعة الأفلام، لتحفيز السوق على الإنتاج، وتحقيق النجاح التجاري المأمول.
الإنتاج السينمائي المشترك
وفي الورشة الرابعة التي عُقدت الأربعاء 26 أكتوبر، ناقش الخبراء والمختصون الفرص المتاحة أمام الإنتاج السينمائي المشترك، بالإضافة إلى محاولة إبراز سبل تجاوز التحديات التي تواجه القطاع، وزيادة دمج قطاع الأفلام في سوق العمل.
وحاول المشاركون الوقوف على حجم سوق الأفلام في السعودية، بالإضافة إلى تحديد مجموعة من الفرص المهنية المتاحة بقطاع الأفلام في المملكة.
وتناولت الورشة الحديث عن أهمية الإنتاج السينمائي المشترك، وأبرز تجاربه الناجحة، والخطوات اللازم اتخاذها قبل الإقبال على هذه الخطوة، والفرص الإقليمية والعالمية المتوفرة. وسلَّطت الضوء على المزايا والفوائد التي يحققها الإنتاج المشترك المحلي والدولي، على صعيد تبادل الخبرات والتكامل، وتعظيم النجاحات، وبناء وتعزيز الصورة الذهنية الصحيحة للدول والمجتمعات؛ بالإضافة إلى أبرز التحديات التي تواجه الإنتاج المشترك، وسبل تجاوزها، وأنواع الإنتاج العالمي المشترك، وسبل تسهيل عملية الإنتاج المشترك في المملكة، لضمان مخرجات ذات كفاءة تحقق الأهداف المأمولة، وتسهم في تطوير الصناعة السينمائية. وتطرق المشاركون في الورشة للتسهيلات والمزايا والحوافز التي توفرها الجهات الحكومية وغيرها لدعم عملية الإنتاج السينمائي المشترك داخل المملكة والمشاريع القائمة.
وخرجت الورشة بعدد من التوصيات، منها: ضرورة وجود معايير واضحة لقبول الأفكار، وإيجاد بيئة عادلة وآمنة للإنتاج المشترك، وبناء نظام تأمين سينمائي شامل، والتوعية بمعايير الرقابة والقيم المجتمعية المحلية، وإنشاء غرفة لصناعة السينما.