أدت الصراعات السياسية والحروب في مناطق بشمال إفريقيا، إلى تفكير آلاف الأشخاص في الهروب إلى حياة يرونها أفضل في أوروبا، التي أصبحت دولها مرعوبة من أرقام الهجرات غير الشرعية، دون قدرة حكوماتها على الحد من تلك التجارة الرابحة التي تسيطر عليها عصابات أشبه بالمافيا، فضلاً عن إيقافها.
وتعد دول شمال إفريقيا، بحكم موقعها الجغرافي على البحر الأبيض المتوسط، معبرًا مهمًّا للهجرة -بطرق غير قانونية - إلى دول أوروبية مشاطئة للبحر الأبيض المتوسط، فيما لا يمر يوم إلا ويسقط المئات على سواحل تونس وليبيا.
تونس تحبط عشرات المحاولات
في تونس، أحبطت وحدات تابعة للأقاليم البحرية للحرس الوطني بالساحل والوسط والشمال، مساء أمس الخميس 18 عملية خرق للحدود البحرية، وأنقذت 295 شخصًا في عرض البحر الأبيض المتوسط، كانوا يحاولون الهجرة بطرق غير شرعية، وفق ما أكّدته الإدارة العامة للحرس الوطني.
وتمكّنت وحدات المنستير ونابل، من إحباط 11 عملية اجتياز للحدود البحرية خلسةً، وإنقاذ 69 مجتازًا، يحمل معظمهم جنسيات لدول جنوب الصحراء، علاوة على رضيعة و57 مواطنًا من بينهم 3 نساء و5 أطفال، وذلك بعد أن تعرضت مراكبهم المستغلة في عملية الاجتياز للغرق.
وفي إطار التصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية، قال المتحدث باسم الحرس الوطني التونسي، حسام الدين الجبابلي: إنّ الوحدات بجهات صفاقس ونابل والمنستير والمهدية وجبنيانة وقابس وقرقنة، تمكّنت من ضبط 45 شخصًا، من بينهم 31 من جنسيات إفريقية جنوب الصحراء، والبقية توانسة، كما حجزت 8 مراكب بحرية على متنها مبالغ مالية من العملة المحلية والأجنبية وسترات نجاة.
إيطاليا والهجرة غير الشرعية
بلغ عدد المهاجرين التونسيين غير النظاميين الذين وصلوا إلى إيطاليا منذ بداية 2022 وحتى نهاية الأسبوع الماضي 16292، من بينهم 3430 قاصرا؛ حسب آخر إحصائية للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن الهجرة غير النظامية.
وسجل هذا العام أكبر عدد من المهاجرين التونسيين غير النظاميين الواصلين إلى السواحل الإيطالية، مقارنة بالسنوات الـ 4 الماضية، التي شهدت 16292 مهاجرًا مقابل تسجيل 14342 خلال سنة 2021 و11212 في 2020.
وبلغ عدد القُصَّر التونسيين الواصلين إلى السواحل الإيطالية، حسب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، خلال عامي 2021 و2020 على التوالي 2492 و1607 قاصرًا. فيما بلغ عدد الضحايا والمفقودين من جنسيات مختلفة منذ بداية العام الجاري 2022، وحتى سبتمبر الماضي 544 وسجل شهر مايو 2022 الأعلى حصيلة، وبلغت 123 مفقودا وضحية.
ولفت المنتدى إلى أن السلطات التونسية تمكنت من منع 29129 مهاجرا غير شرعي، انطلقوا من السواحل التونسية منذ بداية السنة وحتى أكتوبر الجاري.
شبكة دولية بين تونس وتركيا
وفي السياق ذاته، أعلن المتحدث الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني بتونس، الثلاثاء الماضي، تفكيك شبكة دوليّة في مجال الهجرة غير الشرعية تنشط بين تونس وتركيا.
وقال المسؤول التونسي: إنه في إطار مكافحة الشبكات الضالعة في مجال الهجرة غير الشرعية، تمكن فريق مشترك من إدارة الاستعلامات والأبحاث للحرس الوطني بـ«العوينة»، وفرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني، من تفكيك شبكة دولية تنشط بين البلاد وتركيا، وإلقاء القبض على 7 أشخاص من عناصرها، من بينهم شقيقتان تحملان جنسية أجنبية.
وأضاف المتحدث «أن أعضاء الشبكة سيواجهون تهمة تشكيل فريق لسفر الأفراد إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر تركيا بطريقة غير شرعية والاتجار بالبشر»، مشيرًا إلى أن البلد تشهد خلال الفترة الأخيرة أيضا نشاط مجموعة من الوسطاء في مجال الهجرة غير الشرعية للدول الأوروبية عبر صربيا، وذلك مقابل مبالغ مالية كبيرة تصل إلى حدود 20 ألف دينار للشخص الواحد.
المأساة تتفاقم في ليبيا
أما في ليبيا، فالمعاناة تتعقد خصوصا في ظل الانفلات الأمني، وعدم استقرار البلاد إثر تعمق الخلافات السياسية.
منظمة الهجرة الدولية أعلنت خلال الأسابيع الماضية وفاة 114 مهاجرًا غير شرعيين، وفقدان 436 آخرين خلال محاولتهم عبور البحر المتوسط من ليبيا إلى الشواطئ الأوروبية، خلال الفترة من يناير وحتى أبريل الماضيين، فضلا عن إعادة 4 آلاف و461 مهاجرًا إلى ليبيا خلال الفترة نفسها.
كما أشارت السلطات الإيطالية إلى أن استمرار حالة عدم الاستقرار الداخلي في ليبيا، تمثل عاملًا حاسمًا في دفع ظاهرة الهجرة بزيادة قدرها (75.83%).
وحسب مذكرة في أعقاب اجتماع أمني، برئاسة وزير الداخلية ماتيو بيانتيدوزي: «وصل 79،647 مهاجرًا إلى سواحل إيطاليا، منذ بداية 2022 وحتى الآن، مما يشكل زيادة قدرها 50.78% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021». بحسب وكالة «آكي».
وتستغل عصابات التهريب حالة الانفلات الأمني في ليبيا، للمتاجرة بالمهاجرين غير الشرعيين في رحلات غير آمنة باتجاه أوروبا، وأغلبهم من تشاد والسودان ومصر والنيجر وتونس، بالإضافة إلى عدد من دول جنوب الصحراء.