@salemalyami
من يتتبع بعض ما ينشر في الفضاء الإلكتروني الافتراضي، يجد كثيرا من المفاهيم المحورة والتي تقدم للناس على أنها حقائق أو أسس للعلاقات بين الدول والقادة، وأدهشني قبل فترة حديث أكثر من معلق يقال إن أغلبهم من المعلقين على الأحداث السياسية الدولية والإقليمية، ووجدت العجب العجاب ومن طريف ما تحدث به بعضهم قوله إن القيادة الدولة ألف على سبيل المثال تسخر من القيادة في الدولة باء، ولا تقيم لها وزناً، بل وتشكك في قدراتها الوظيفية والقيادية. هنا أنا لا أود تقديم دروس لأحد، لكن أعتقد أن من واجبي كإنسان تتاح لي فرصة الكتابة للناس أن أبين لهم الفرق بين الكائن والمنتشر والسائد وبين حقيقة بعض الأمور، وأدعو الجميع ببساطة إلى العودة إلى لقاء تلفزيوني مصور أجرته قناة سي إن إن الأمريكية مع صاحبة السمو السفيرة ريما بنت بندر، التي قالت الكلام الذي تقوم على أسسه علاقات الدول، وعلاقات القادة فيما بينهم. وهنا من المفيد أن سمو السفيرة وغيرها من التكنوقراط في المنظومة الإدارية والوظيفية في المملكة العربية السعودية أصبحوا مصادر للرأي والمعلومة، وأبعد من ذلك أصبحوا قنوات لتوصيل الرسائل وتوضيح المواقف، ودعوني أعود إلى اللقاء الذي تحدثت عنه لسمو سفيرة المملكة في واشنطن، حيث لم تتحدث في لقاء مطول عن الخلاف سواء كان في وجهات النظر السياسية، أو في المواقف المبدئية، أو في الخيارات الاقتصادية بين بلادها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، إلا من زاوية أن الخلاف من طبيعة العلاقات بين الدول، وبينت أن طبيعة الخلاف الحالي السعودي الأمريكي هو خلاف اقتصادي بحت وفني ويتعلق بمنظومة دولية، وليس بموقف بلد بعينه، وتعني هنا المملكة العربية السعودية. من الصفات التي أدهشتني في الآونة الأخيرة في بعض الرسميين السعوديين، أنهم أصبحوا على اطلاع واسع وعميق بطبيعة الأمور، لدرجة تسمح لهم بتحليل المواقف الدولية لبلادهم وللأطراف الأخرى بحرفية ومهنية عالية، ومن ذلك ما ذكرته سمو سفيرة المملكة في لقائها المطول مع الشبكة الأمريكية يوم الخامس والعشرين من شهر أكتوبر 2022م، والذي تمحور حول جوهرية الموقف السعودي في مسار العلاقات مع الدول، وكان التركيز بشكل خاص على العلاقات السعودية الأمريكية، ما ذكرته وركزت عليه سمو السفيرة هو ثوابت الموقف السعودي باختصار ووضوح في ضوء الضجيج الذي بدأ في الآونة الأخيرة، وأجدها مناسبة لكي أعدد النقاط البارزة في اللقاء، لكي نعرف جميعاً أن العلاقات بين الدول مواقف وآراء وتفضيلات تبنى عليها المصالح، وليس الأمر كما يصوره البعض سخرية من شخص أو نظام سياسي هنا أو هناك. قالت سمو السفيرة إن العلاقات السعودية الأمريكية تاريخية وإستراتيجية، ولا يزال الجانب السعودي يعول على درجة ومستوى أفضل للعلاقات بين البلدين، بالإضافة إلى أن المملكة تاريخيا وتقليديا لها أدوار حافظت فيها على نمو واستقرار الاقتصاد العالمي، ولن تتخلى اليوم عن ذلك الدور، رأت سموها أن ما يسمى بمراجعة العلاقات في الإعلام والخطاب السياسي الأمريكي لا يزعج المملكة، بل على العكس هو في مصلحة الطرفين، وأعتقد أن سمو السفيرة كانت تريد أن تقول إذا كان للجانب الأمريكي رأي في علاقاته بالمملكة، فالمملكة أيضا لها رأي في بعض السلوكيات السياسية الأمريكية. اللقاء مطول وعميق، وهو درس في الواقعية البعيدة عن سطحية بعض الأصوات اليوم.