أولادكم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم، ولكن ليس منكم.
ومع أنهم يعيشون معكم، فهم ليسوا ملكا لكم.
أنتم تستطيعون أن تمنحوهم محبتكم، ولكنكم لا تقدرون أن تغرسوا فيهم بذور أفكاركم، لأن لهم أفكارا خاصة بهم.
وفي طاقتكم أن تصنعوا المساكن لأجسادهم.. ولكن نفوسهم لا تقطن في مساكنكم.
فهي تقطن في مسكن الغد، الذي لا تستطيعون أن تزوروه حتى ولا في أحلامكم.
وإن لكم أن تجاهدوا لكي تصيروا مثلهم.. ولكنكم عبثا تحاولون أن تجعلوهم مثلكم.
لأن الحياة لا ترجع إلى الوراء، ولا تلذ لها الإقامة في منزل الأمس.....
كلمات كتبها «جبران خليل جبران» قبل أكثر من مائة عام.
قد يكون جيل الشباب في وقتنا الحالي يتمتع بنوع من الحكمة التي تكونت عنده عبر التجارب، لذا فإنه من الواجب أن نوظف هذه الحكمة في فهم عقول وثقافة الشباب، وأن نقيم معهم حوارا يستند إلى احترام عقولهم، فيخطئ من يريد، أو يسعى أو يحاول أن يجبر الشباب، ويخضعهم إلى أن يعيشوا نفس نمط حياته أو ثقافته، وهو من يحدد لهم الدروب والمسالك التي يجب عليهم أن يسيرو فيها، ويفرض عليهم نوع الثقافة التي يجب أن يحصروا أنفسهم، وعقولهم في دائرتها، ونحن هنا لا نلقي دور الوالدين لما له من أهمية كبيرة ودور أساسي.
فالتربية الإيجابية، لا تعنى عدم وجود قواعد وأصول، لأن وجود هذه القواعد داخل المنزل تطمئن الأبناء أن هناك «قانونا» والقانون حتى لو كان فيه ما لا يأتي على هوى هؤلاء الأبناء لأنه يعطي الأمان والإحساس أن هناك جهة عليا «الأم والأب» يمسكون الدفة ويتحملون المسئولية. وبالتالي هو أمر لا يتعارض مع إعطائهم فرصة لأخذ قرارات وكسب معارك صغيرة فيما يتعلق بحياتهم اليومية طالما أعطيناهم آليات صحيحة.
فهذا الجيل يعيش في صراع وهو الاختلاف في الرؤى بين الجيلين جيل الشباب وجيل الآباء، وتضطرب العلاقة فيما بينهم إلي أن يصل الحد لأن يتهم الأبناء آباءهم بأنهم لا يفهمون وأنهم متأخرون، لذلك نجدد نصحنا للآباء في اعتماد لغة الحوار مع جيل الشباب، لأنه من الممكن للحياة على الإنترنت التي بين أيديهم أن تسهل لهم العثور على أشخاص يشبهونهم في طريقة التفكير، بغض النظر عن مكان وجودهم في العالم. احتواء الأبناء والتخطيط لحياتهم وتأمين عيش كريم وبيئة مناسبة ومساندتهم مطلب مهم، ولكن دون أن يشعر الآباء بأنهم وفي أثناء التخطيط لحياة أبنائهم سوف يحققون أحلامهم التي عجزوا عن تحقيقها ويجبرون أبناءهم على اعتبار أنهم امتداد لهم في هذه الحياة، نتمنى أن تتعاملوا معهم كأنهم أبناء وليس كأنهم أشياء من ضمن ممتلكاتكم، فليس فرضا أن يحب الأبناء ما يحبه الآباء أو أن يكونوا في إطار لا يميلون له ما داموا لا يغضبون الله.
@hafdahkhaldgof