تؤثر مشكلات الغدة الدرقية لدى الأطفال على نموهم الجسدي والعقلي، بما ينعكس على اكتساب الطفل المهارات الاجتماعية، ويؤثر في قدرته على التعلم، ويؤدي لتغيرات سلوكية لديه.
خلل الغدة الدرقية قد يكون على شكل زيادة إفراز هرموناتها (فرط نشاط)، وقد يكون على شكل نقص إفراز هذه الهرمونات (قصور).
ويعتبر قصور الغدة الدرقية أشيَع أمراض الغدد الصماء التي تصيب الأطفال، لذلك من الضروري أن يتفهم الوالدان الأعراض والعلامات الرئيسية لهذا المرض، ليتم التفريق بين الأعراض التي تظهر على الطفل نتيجة المرض، وبين الطبيعة والصفات التي تتميز بها شخصيته.
وإذا ظهرت العلامات يجب مراجعة الطبيب بأسرع وقت، إذ إن العلاج متاح، والتبكير به ضروري لتجنب المشكلات على المدى البعيد.
ما الغدة الدرقية؟
هي غدة صغيرة صماء (ليس لها قناة، وتفرز هرموناتها إلى الدم مباشرة) خفيفة الوزن، تقع في مقدمة الرقبة أسفل الحنجرة، وهي على شكل جناحي فراشة تحيط بالقصبة الهوائية من الأمام، تشبه شكل الفراشة ذات الجناحين المفرودين، لونها بني محمر، وهي المسؤولة عن إنتاج هرمون الثيروكسين المسؤول عن النشاط الأيضي "التمثيل الغذائي الأساسي للجسم".
وتفرز الغدة الدرقية هرمون الثيروكسين (T4) وهرمون الثيرونين (T3)، وهذان الهرمونان يفرزان تحت إشراف مباشر من الغدة النخامية، عن طريق إفرازها الهرمون المحفز للغدة الدرقية TSH.
قصور -نقص- نشاط الغدة الدرقية في الأطفال
يحدث قصور وظائف الغدة الدرقية؛ لسبب خلقي أو لأسباب مكتسبة:
القصور الخلقي:
يتلخص بأن الطفل يولد دون غدة درقية، أو بغدة درقية معطلة؛ نتيجة فشل في تكوين هرموناتها، أو عدم فاعلية مستقبلات هذه الهرمونات.
قصور الغدة المكتسبة:
فمعظمه ناتج عن خلل مناعي، يهاجم الغدة الدرقية عند الطفل؛ مما يؤدي لانخفاض إنتاج هرمون التيروكسين، وأهمها مرض هاشيموتو (يصيب الإناث عشرة أضعاف الذكور)، وهناك حالات أخرى ناتجة عن نقص عنصر اليود في الطعام، أو تعرض منطقة العنق للإشعاع، أو تناول بعض العلاجات، وقد يحدث القصور في أعقاب قصور الغدة النخامية المسؤولة عن نشاط الغدة الدرقية، ويمكن أن يظهر القصور المكتسب في أي جيل لدى الأطفال، ولكنه منتشر أكثر في جيل المدرسة وسن البلوغ.
قصور في الغدة النخامية:
قد يظهر قصور الغدة الدرقية في أعقاب قصور في الغدة النخامية (Hypophysis) المسؤولة عن نشاط الغدة الدرقية.
أعراض قصور الغدة الدرقية عند الرضَّع
طول فترة الاصفرار بلون الجلد وبياض العينين، النعاس الزائد، رفض الرضاعة أو عدم الرضاعة بشكل طبيعي، ارتخاء العضلات، البكاء بصوت أجشّ (مبحوح)، الإمساك، انخفاض درجة حرارة الجسم، جفاف وتقشر الجلد.
وفي الحالات الشديدة، قد يكون هناك بعض التشوهات الجسدية مثل فتق السرة وكبر حجم اللسان، وعندما يولد الطفل وعنده نقص في هرمون الغدة الدرقية، ولا يكتشف هذا النقص في الأشهر الأولى بعد الولادة، فإنه يؤدي إلى إصابة الطفل بالتخلف العقلي مع نقص النمو، وقد تحدث بعض التشوهات الجسدية ككبر حجم اللسان.
بالنسبة للأطفال الأكبر فتكون الأعراض متفاوتة، ومنها تضخم الغدة، الإجهاد والتعب المفرط، النعاس، تأخر ظهور الأسنان، قصر القامة، زيادة في الوزن رغم ضعف الشهية، جفاف في الجلد ،عدم تحمل البرد، خدر في الأطراف، النسيان وعدم التركيز، تراجع الأداء المدرسي، تأخر النضج الجنسي وعلامات البلوغ.
كيف يتم تشخيص المرض؟ "الأعراض والكشف الطبي"
في أغلب دول العالم، ومنها مصر، يتم أخذ عينات دم لفحص وظائف الغدة الدرقية لكل المواليد من الكعب، وهذا يتيح اكتشاف مبكر لحالات قصور الغدة الدرقية، والمباشرة بالعلاج المبكر قدر الإمكان، وذلك لمنع وقوع أضرار غير قابلة للزوال للجهاز العصبي الموجود في طور النمو.
علاج قصور الغدة الدرقية
يهدف العلاج إلى تعويض هرمون الغدة الدرقية المفقود، عن طريق إعطاء التيروكسين الصناعي فمويا.
ويعد الليفوثيروكسين حجر الزاوية في العلاج، وبما أن الرضع والأطفال الصغار لا يستطيعون بلع الأقراص، لذلك يطحن القرص (25 مجم) وحله بكمية قليلة من الماء (5 – 10 مل)، ويعطى من هذا المعلق كمية تتناسب مع الجرعة الموصوفة.
فرط نشاط الغدة الدرقية في الأطفال
- فقدان في وزن الطفل بدرجة كبيرة.
- رعشة في اليدين، لدرجة يصعب على الطفل الإمساك بالقلم والكتابة.
- تعرق شديد في الجسم.
- إحساس بالحرارة.
- عدم القدرة على النوم جيدًا.
- سرعة في ضربات القلب.
- التوتر معظم الوقت.
- جحوظ العين، في الحالات الشديدة.
في حالة ملاحظة عرض أو أكثر من الأعراض السابقة على الطفل، ضرورة استشارة الطبيب، ولكن بشكل عام كسل الغدة الدرقية يعتبر أكثر خطورة من فرط نشاطها، لأنه يؤثر على نمو المخ، وقد يؤدي للتخلف العقلي، لكن فرط النشاط في الأطفال لا يسبب ذلك، وقد يسبب سرعة شديدة جدًّا في ضربات القلب، لدرجة تؤدي إلى هبوط في القلب.
علاج فرط نشاط الغدة الدرقية في الأطفال، يعتمد على تناول الطفل دواء يقلل من إنتاج هرمون الغدة،
مع ضرورة تكرار إجراء تحليل هرمون الغدة الدرقية كل أسبوعين، أو 3 أسابيع لضبط الجرعة وفقا لنتيجة التحليل.
فرط نشاط الغدة الدرقية في الأطفال، يرتبط في الغالب بأسباب مناعية، أو تناول بعض الأدوية، ويصيب الأطفال في أعمار مختلفة، إلا أن حديثي الولادة لا يصابون به، إلا في حالات نادرة، عكس قصور الغدة الدرقية.
أعراض الإصابة بفرط نشاط الغدة الدرقية عند الأطفال
1- زيادة الشهية، دون زيادة أو نقصان في الوزن.
2- عدم القدرة على تحمل الحرارة المرتفعة.
3- الإصابة بالتململ أو التقلقل العاطفي.
4- فرط التعرق.
5- زيادة الحاجة إلى الذهاب للحمام، بالتحديد زيادة الرغبة في التبرز.
6- صعوبات في النوم، بالإضافة إلى تغير في السلوك والأداء الدراسي.
7- زيادة معدل نبضات القلب عن معدلاتها الطبيعية.
8- الإصابة بنوبات تسارع في نبضات القلب، وفرط في درجة الحرارة وظهور أعراض الحمى والغثيان، والتي يُمكن أن تكون مُهددة لحياة بعض الأطفال المُصابين بنشاط في الغدة الدرقية.
تشخيص زيادة نشاط الغدة الدرقية عند الأطفال
تشخيص مرض فرط نشاط الغدة الدرقية، من خلال عمل تحليل لمستوى هرمون الثايروكسين والثايرونين والهرمون المحفز لعمل الغدة الدرقية، عندما يكون هناك انخفاض في الهرمون المحفز للغدة الدرقية.
عندما يٌتأكد من وضع الهرمون المحفز لعمل الغدة الدرقية، يُعمل اختبار الأشعة النووية، حيث إن هذهِ الأشعة تُحدد ما إذا كان هذا النشاط سببهُ إفرازات ذاتية وقتية من الغدة الدرقية، أم التهاب مؤقت يحدُث داخل الغدة الدرقية، ساهم هذا الالتهاب في خروج مخزون هرمون هذهِ الغدة إلى الدم، بالتالي يؤدي إلى زيادة نسبته في الدم.
علاج زيادة نشاط الغدة الدرقية عند الأطفال
- إعطاء الطفل المُصاب بفرط نشاط الغدة الدرقية علاجًا مُقاومًا للأعراض الظاهرة، مثل: (سرعة دقات القلب).
- تناول الأدوية المضادة للالتهاب.
- تناول أدوية مضادة للالتهابات مثل الالتهابات الفيروسية والبكتيرية.
وغالبًا ما يتم شفاء الطفل المُصاب بهذا النوع من الاضطرابات ذاتيًا، أو من تلقاء نفسهِ خلال فترة تتراوح ما من 3-6 أشهر.
علاجات دوائية لضبط الغدة
تناول الأدوية التي تحتوي على مادة الثيوراسيل أو اليود المُشع، ولكن يجب الانتباه إلى الجرعات المأخذوة وتجنب تناول الجرعات العالية التي قد تُسبب حدوث قصور للغدة الدرقية.
تناول المنتجات التي تحتوي على الليفوثيروكسين (binomial nomenclature)، وذلك للحد من الإصابة بقصور في الغدة الدرقية.
العلاقة بين الغدة الدرقية ومشاكل الانتباه والتركيز
هناك علاقة بين اضطرابات الانتباه والتركيز وبين مشاكل الغدة الدرقية، وفرط نشاط الغدة الدرقية يسبب (حركة زائدة، اضطرابات بالتركيز، اضطرابات في النوم، تغيرات في المزاج وقلق).
بينما قصور الغدة الدرقية يسبب هبوط الجهاز العصبي المركزي وبالتالي النعاس، تباطؤ في عملية التفكير، ردة فعل بطيئة وضعف في الذاكرة.
ما العلاقة بين الغدة الدرقية والوزن؟
بما أن وظائف الغدة الدرقية تختص بالنشاط الأيضي (عمليات التمثيل الغذائي)، هذا يعني أن لها علاقة بالحرق وأي خلل في عملها يؤثر على الوزن إما بالنقصان المفاجئ، بالرغم من تناول كميات كافية من الطعام، أو السمنة المفاجئة بالرغم من التحكم بكميات الطعام.
إن كسل الغدة الدرقية حالة مرضية تصيبها، فلا تنتج ما يكفي من بعض الهرمونات الهامة، فيختل التوازن الطبيعي للتفاعلات الكيميائية في الجسم، ويمكن أن يتسبب تأجيل العلاج لمدة طويلة في عدد من المشاكل الصحية، مثل السمنة، آلام المفاصل، العقم، وأمراض القلب.
زيادة النشاط: (نقص الوزن مع الجوع).
نصائح لمريض قصور الغدة الدرقية
1- يجب تناول العلاج (الثايروكسين) على معدة فارغة، أي قبل تناول الطعام والالتزام بالدواء.
2- التركيز على تناول بعض المعادن، كاليود الضروري لإنتاج الثيروكسين، لذلك يجب تناوله في الأطعمة مع أن الحاجة له قليلة جدًّا (150 مايكرو غراما)، وهو متوافر في الأطعمة البحرية وملح الطعام المدعم باليود. كذلك فإن معادن السيلينيوم والزنك والنحاس والحديد والأوميجا 3 ضرورية ومتوافرة في الأطعمة البحرية بمختلف أنواعها.
3- الاعتدال في تناول الألياف، لأنها تتسبب بتأخير امتصاص الهرمون الاصطناعي الذي يؤخذ كعلاج، وكذلك الكرنب، الفجل، البقدونس، ومع أن هذه الأطعمة غير ضارة، إلا أنه يجب تناولها بكميات بسيطة.
4- تجنب تناول بعض العناصر الغذائية مثل: المحليات الصناعة كالأسبارتام، وموجود في (المشروبات الغازية، الجلوتين، الصويا).
5- ممارسة الأنشطة والرياضة بشكل روتيني، عوامل مساعدة لتحفيز إفراز هرمونات الغدة الدرقية، وتقليل التوتر، وهذه العوامل تؤثر إيجابيًّا في عملية العلاج.
