ينقسم المستهلكون إلى أربعة أنواع من حيث قرار السلوك الاستهلاكي. النوع الأول يعرف بالمستهلك العقلاني الذي يشتري بما يمليه عليه عقله بنضوج، فهو يرشد الإنفاق سواء على نفسه أو أسرته. وبصفة عامة لا يشتري إلا ما يحتاجه. النوع الثاني المستهلك الاقتصادي الذي يعتمد على عدة معايير اقتصادية مثل البحث عن البدائل ومقارنة الأسعار والمنفعة الاقتصادية مقابل القيمة. أما النوع الثالث فهو المستهلك العاطفي الذي يشتري الأشياء بدافع عاطفي، بحيث تتحكم عاطفته ووجدانه في سلوكه الشرائي. النوع الرابع هو المستهلك المضاهي الذي ينظر لما لدى الآخرين ليقتنيه بدافع المضاهاة الاجتماعية.
بشكل عام، سلوك المستهلك السعودي تغلب عليه العاطفة والوجدان، بحيث لا تغيره الأسعار المرتفعة، بل نجد الكثير من المستهلكين السعوديين يزيدون من شراء المواد الغذائية بأسعار عالية وبكميات أكثر خوفا من ارتفاع أسعارها وعدم توافرها في السوق ما يزيد الأسعار ارتفاعا. وهذا لا يعني التعميم وإنما أقصد منه السواد الأعظم من المستهلكين. وعي المستهلك ضعيف فيما يخص التكيف مع الظروف الاقتصادية الصعبة.
أؤكد على أن مسئولية الاستهلاك والترشيد تقع على جمعيات حماية المستهلك، لكنني لا أغفل دور الأسرة في هذا الشأن، حيث إنها تعرف قوتها الشرائية وتتحكم في السلوك الشرائي لأفرادها. كما أنه يقع على الجهات الحكومية مسئولية توعية المستهلكين، وذلك لحمايتهم من الأضرار غير الصحية الناتجة عن مكونات بعض المنتجات الغذائية وألعاب الأطفال السامة والأجهزة الكهربائية والإلكترونية وغيرها، ناهيك عن دورها في مراقبة الأسعار حتى لا يرتفع معدل التضخم المالي في المملكة وبالتالي تتقلص القوة الشرائية للمستهلكين في ظل عدم تغير الدخل المالي للأسرة.
تساهم المرأة السعودية في ارتفاع معدل التضخم لأنها بصفة عامة مندفعة في الشراء ومنغلقة على ما يجري في العالم من تغيرات سياسية واقتصادية تؤثر علينا في المملكة. الأسرة الناضجة تساهم في وضع ميزانية تناسب دخلها، بحيث لا تصرف أكثر مما تملك ما يضطرها للاقتراض من البنوك لتصبح مكبلة بالديون. بلا شك المرأة العاملة بصفة عامة تتخذ قرارات شرائية وتصرف على مشترياتها أكثر من المرأة التي تدير شئون بيتها، لكن قد يوجد بعض النساء العاملات اللاتي لا يصرفن كثيرا لأسباب كثيرة منها استطاعة الزوج الصرف على الأسرة. مما لا شك فيه أنه لكل قاعدة شواذ، حيث تصرف بعض النساء غير العاملات أكثر من العاملات، خاصة اللاتي من طبقة غنية لا يرغبن في العمل أو لا يرغب أزواجهن خروجهن للعمل.
المستهلك الناضج هو من يعرف مدى احتياجاته وقوته الشرائية، لذا فهو خبير نفسه ومستشارها. المستهلك الاقتصادي هو الذي يشتري المنتجات لأنها تحتوي على المنفعة الاقتصادية بعكس المستهلك المندفع الذي لا ينظر بقوة للناحية الاقتصادية بقدر ما ينظر لحاجته النفسية السيكولوجية. ما أريد التأكيد عليه هو أن المستهلك يعد المسئول الأول عن ترشيده الاستهلاكي للخروج من الأزمات الاقتصادية بأقل تكلفة. وأؤيد النظرية الاقتصادية التي ترتكز على أن العرض والطلب يقرران السعر، وأن دور الحكومة تنظيم العملية الاقتصادية في بيئة تنافسية توفر للمستهلك البدائل لأن الاحتكار يخلق بيئة الجشع والغش والتدليس والجودة المتدنية والأسعار العالية.
وفي الختام يجب أن يعلم المستهلك أن القروض ليست حلا لمشكلة غلاء الأسعار خلال الأزمات الاقتصادية، بل تعتبر من القوى التي تزيد معدل التضخم المالي عندما تتوافر السيولة للمستهلكين. لا يتوافر الادخار إلا عندما يكون لدى المستهلك فائض مالي بعد ميزانية الاستهلاك. الفائض المالي للمستهلك دليل على وعيه وحكمته في إدارة شئونه المالية.
@dr_abdulwahhab
كلية الأعمال KFUPM