كثير منا يجهل القوة الحقيقية لعلاقاتنا بالناس من حولنا، وكثير منا لا يدرك المعنى الحقيقي لطريقة التأثير التي تتركها هذه العلاقات، بل ولا يدرك قيمة كسب ثقة الناس ومحبتهم على الرغم من كوننا كثيرا ما نتأثر بأشخاص تمكنوا من كسب ثقتنا وقلوبنا.
فكثيرا ما نلاحظ وجود العديد من الأشخاص المؤثرين في مجتمعاتنا الذين يتمتعون بشعبية جيدة في محيطهم الاجتماعي، بل إن بعضهم تصل شعبيته إلى أبعد من ذلك، كما من الممكن أن يكسبوا محبة أشخاص لم يلتقوا بهم من قبل، والسر يكمن في الأثر الذي يصنعه كل منهم للمجتمع، بل إن كثيرا من الناس يبقى ذكرهم وجميل معروفهم حيا في أذهان الناس لقرون طويلة وذلك بسبب ما تركوه من أثر إيجابي وسيرة طيبة، وبسبب مقدرتهم على كسب قلوب الكثير من الأشخاص من حولهم حتى انتشر طيب ذكرهم واستمر سنوات طويلة بعد مماتهم وذلك لأن الشخص المحبوب القادر على كسب ثقة الناس ومحبتهم يتميز بقدرته على التعبير عن نفسه بوضوح دون أي تصنع.
وبإمكان كل منا أن يكسب محبة الناس من حوله من خلال بناء جسور الثقة مع جميع الناس من حولنا وستتمكن من ذلك من خلال تقديم نفسك كإنسان فقط لأن كل المسميات والألقاب عدا ذلك زائلة.
وإنسانيتك هي التي تملي عليك مجموعة من الضوابط الأخلاقية الفطرية التي جبلت عليها النفس البشرية، وابتعادك عن التصنع الذي إن دل فهو يدل على الجنوح إلى المطامع الفردية بعيدا عن كل ما يحقق الأهداف المجتمعية.
ومن خلال الوضوح في علاقاتك مع الناس من حولك ستتمكن من كسب ثقتهم ومحبتهم وستلمس نتائج ذلك في مختلف المجالات الحياتية وستلاحظ تأثيرك الإيجابي في دائرة الأشخاص في عملك وفي أصدقائك المقربين بل حتى في عائلتك وأطفالك.
وعلى النقيض تماما تجد أشخاصا وصوليين يمتهنون التحايل والتصنع في سبيل كسب ثقة الناس ومحبتهم لتحقيق مكاسب فردية تعود عليهم بالنفع وحدهم دون غيرهم وقد يتمكن البعض من هؤلاء من تحقيق مآربهم والوصول إلى مبتغاهم لكنهم سرعان ما يخسرون ثقة الناس والتي هي كل شيء.
بينما حين تكون واضحا صريحا سيطمئن الكثير من الأشخاص إلى صدقك وعفويتك وتجدهم يساندونك في جميع ما يمكن أن تحتاجه لأنهم على يقين بأن ما تفعله نابع من إخلاص وصدق ونية طيبة كما أنك حينما تكون على سجيتك في مختلف معاملاتك ستتمكن من إحداث جميل الأثر في نفوسهم.
ومن المفترض أن نراعي ذلك مع جميع الناس من حولنا وأن نثابر على كسب المزيد من العلاقات الطيبة ونترك بينهم طيب الأثر، ولن تحتاج لأن تكون إماما في مسجد أو معلما في مدرسة لتكون صاحب رسالة، بإمكانك أن تكون مؤثرا ولو في محيطك الاجتماعي الصغير، بين أهلك وجيرانك، وبين جميع معارف. فالمكانة الاجتماعية لا تقتصر على شهادة جامعية أو درجة علمية، ولا تقتصر على مال أو حسب ونسب.
وبإمكاننا أن نكون مؤثرين في مجالات مختلفة، وبغض النظر عن المهنة أو التحصيل العلمي أو الثقافي، كل ما نحتاجه هو الالتزام بالمعايير الإنسانية التي فطرنا عليها، ومن خلال رسم معالم واضحة لطريقة تعاملنا مع الناس من حولنا، وأكثر ما يمكننا من ذلك هي الطريقة التي نتمكن من خلالها من ترتيب أماكن الأشخاص في قلوبنا، لنتمكن من التعرف على الطريقة الأنسب للتعامل مع الأشخاص من حولنا في كل من العمل أو الدراسة أو في محيطنا الاجتماعي، وألا نترك ذلك للأفعال والممارسات والمواقف، بل أن ندرك تماما مكانة كل شخص في حياتنا ومكانتنا لديه، لندرك تماما الأثر الطيب الذي نتركه من خلال المودة المتبادلة.
وخلاصة القول أننا لو تمكنا من إدراك القوة الحقيقية للروابط الاجتماعية وما يمكن أن نصنعه من خلال كسب ثقة الناس واحترامهم، سنتمكن من التأثير بطريقة إيجابية في دائرة الناس من حولنا، في العمل أو مع العائلة أو حتى مع أطفالنا، وسنتمكن كذلك من توسيع دائرة تأثيرنا من خلال كسب المزيد من قلوب الناس من حولنا، لنساهم بذلك في نهضة مجتمعية من شأنها أن ترتقي بما ستقدمه الأجيال القادمة.
@al_sagre