[email protected]
يوغل بعض المستشرقين في ترويج معلومة خاطئة مفادها أن القضاء في الإسلام لم يُعرف في عهد رسولنا الأمين "عليه الصلاة والسلام"، وإنما عُرف وظهر لأول مرة في العهد الأموي، وهذه مغالطة لا تستند إلى أي حقيقة مؤكدة، ذلك أن إقامة قواعد وأركان ذلك القضاء تمت في عهد خاتم الأنبياء والرسل، واكتمل بنيانه في دولة الإسلام بالمدينة المنورة، وسار على نهجه الخلفاء الراشدون ومَن جاء بعدهم في العصور اللاحقة، فتلك المغالطة التي قام بترويجها بعض المستشرقين تمثل في جوهرها افتراءً تنقصه الأمانة والصدق، فالزعم بأن القضاء بكل أحكامه وفروعه خرج من محيط مجاله الإسلامي في عهد رسولنا الكريم ليس له مبرِّر عقلاني، فقد عُرف القضاء في عهده كوسيلة لحل المشكلات والنزاعات القائمة بين الخصوم.
من جانب آخر، فإن زعم بعض المستشرقين بأن آيات الكتاب الشريف تتضمن أحكامًا هي مقترحات تشريعية تدور في فلك الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها المجتمع الإسلامي، وأنها لا تمثل في أساسها نظامًا قضائيًّا شاملًا هو زعم كاذب، ذلك أن الأحكام القضائية لم تخرج عن نطاق الدين الإسلامي، بل هي مرتبطة به ارتباطًا جذريًّا، فإن الإسلام يعني الاستسلام لإرادة رب العزة والجلال، والخضوع لحكمه وتشريعه مصداقًا لقوله في سورة الأعراف: «ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين»، فالشريعة من هذا المنطلق حدَّدت مسار الأحكام، وأن السُّنَّة النبوية بالتالي هي مصدر التشريع، أي أن القضاء في الإسلام استمد مصادره الرئيسة من الكتاب والسنة، وعُرف بالفعل في عهد الرسول "عليه الصلاة والسلام" لأول مرة.