جاءت توقعات رفع أسعار الفائدة الأمريكية بنحو 75 نقطة أساس صحيحة، بعدما أعلن المركزي الأمريكي رفع أسعار الفائدة على الأموال الاتحادية أمس الأربعاء، لتصل ما بين 3.75 إلى 4٪، وهو أعلى مستوى منذ عام 2008، حيث يواصل الفيدرالي الأمريكي حملته الأكثر تشددا منذ الثمانينيات، بهدف كبح التضخم.
ويقود الفيدرالي الأمريكي البنوك المركزية في العالم التي تتبعه برفع أسعار الفائدة لتجنب تأثيرات سلبية على اقتصاداتها وسياساتها النقدية، حيث قررت أغلبية البنوك المركزية الخليجية، رفع أسعار الفائدة، على الفور، عقب قرار الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.
وأقرت البنوك المركزية في السعودية والإمارات والبحرين زيادة أسعار الفائدة الرئيسية 75 نقطة أساس.
وأعلن "المركزي السعودي" رفع سعر فائدة إعادة الشراء (الريبو) وإعادة الشراء المعاكس بنفس النسبة.
التضخم الأمريكي
يعتبر الهدف الأساسي من هذا الارتفاع الكبير في أسعار الفائدة هو محاربة التضخم المرتفع، حيث قالت وزارة العمل الأمريكية إن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1% الشهر الماضي بعدما ظل دون تغيير في يوليو.
وكان اقتصاديون توقعوا تراجع مؤشر أسعار المستهلكين 0.1%، حيث يستطيع أي بنك مركزي تسريع أو إبطاء الاقتصاد عن طريق تحريك أسعار الفائدة ارتفاعًا وهبوطًا، فمثلا خفض الاحتياطي الفيدرالي معدل الفائدة وجعل الاقتراض شبه مجاني حين ظهر وباء كورونا، لتشجيع الأسر والشركات على الإنفاق.
كما طبّق برنامج التيسير الكمّي عن طريق طباعة تريليونات الدولارات لتعزيز الاقتصاد الذي دمره فيروس كوفيد 19، والآن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بإبطاء الاقتصاد من خلال رفع أسعار الفائدة بقوة، لامتصاص فوائض السيولة من الاقتصاد وتقويض الطلب، وبالتالي تراجع الأسعار ومعها التضخم.
سعر الدولار يصل ذروته في 20 عامًا
بعد رفع الفائدة في الولايات المتحدة، وصل لأقصى ارتفاع منذ 20 عاما مقابل سلة العملات، وهذا لأن رفع الفيدرالي لسعر الفائدة يساعد الولايات المتحدة، لكنه يضعف الاقتصادات الأخرى لأنه يجعل كل شيء أكثر تكلفة، حيث يسبب انخفاض العملات أمام الدولار مشاكل كبرى مرتبطة بأسعار السلع، على نحو 86% من تجارة العالم، التي تتم بالدولار الأمريكي، لأن رفع أسعار الفائدة وزيادة قوة الدولار، يجعل دفع ثمن الأغذية المستوردة وغيرها من المنتجات أكثر تكلفة لأن الدول ستكون بحاجة إلى مبالغ أكبر للحصول على الدولار اللازم للاستيراد.
تباطؤ النمو العالمي
كلما ارتفع سعر الدولار، يتباطئ النمو الاقتصادي العالمي، وتقل الوظائف، كما أنه يضغط على المقترضين التجاريين، ويجبر الحكومات على إنفاق المزيد من ميزانياتها على مدفوعات الفوائد.
وكذلك يرفع من تكلفة الديون على الدول، وخاصة القروض ذات الفائدة الثابتة، لأنها تحمل في طياتها مخاطر أعلى بالنسبة للممولين من البنوك وشركات التمويل، مع احتمالية رفع جديد في أسعار الفائدة.
كما أن تكلفة تمويل الأنشطة الاقتصادية تصبح أعلى، وتقل الجدوى الاقتصادية منها، إذ يلجأ المستثمرون لاستثمار أموالهم في الأوعية ذات العائد الثابت والخالية من المخاطر، مع ضبابية المشهد الاقتصادي.