[email protected]
لطالما عبّرت وسائل الإعلام عن كونها أدوات تنقل الأخبار وتنشر المعرفة على نطاق واسع، وتحاول التوازن بين رسالتها وعملها وكذلك الانسجام مع متطلبات بيئتها ومحيطها في عالم يضج بالتطور والحركة والصراعات المحتدمة والتحديات المتجددة والمنافسة الشرسة، إلا أن دخول بعض مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي حلبة السباق الإعلامي والسبق الخبري من خلال المؤثرين ومشاهير التواصل الاجتماعي، بات يُربك المشهد الإعلامي ويعقّده في أحيان كثيرة.
إن الانفتاح الرقمي وتعزيز التفاعل وزيادة أعداد المتابعين ونيل الإعجابات وحصد المشاهدات وهوس الشهرة، مع تزايد أعداد المستخدمين لشبكات التواصل الاجتماعي وتعاظم دورها في التواصل الجماهيري، يدفع (للأسف) بعضًا من هؤلاء المؤثرين والمشاهير للقيام بمهام الإعلامي «الخبير» والصحفي «الكبير»، فيكتب وينقل الأخبار وأحيانًا الشائعات ويحللها بكل ثقة وجرأة، دون معرفة مسبقة بأساسيات الإعلام والصحافة وقواعد الكتابة الصحفية والإحاطة بأركانها وأخلاقياتها.
ولا شك أن مشكلة انتشار الشائعات والأخبار الزائفة والمعلومات المضللة والتركيز على الفضائح في فضاء شبكات التواصل الاجتماعي، هو أمر مُضرّ ومزعج، ويتحمل جانبًا من مسؤوليته هؤلاء المؤثرون والمشاهير، ممن يخوضون دون تأهيل أو معرفة مهنية في أخبار وبيانات وقصص خبرية، لذلك ينبغي عليهم، خاصة من يرغبون في دخول حلبة هذا السباق، دعم تأهيلهم وتعزيز قدراتهم في تخصصات كالإعلام، والصحافة، والابتكار الإعلامي وصناعة المحتوى وكذلك الإلمام بالأطر القانونية والأخلاقية الخاصة بالإعلام الرقمي وعالم شبكات التواصل الاجتماعي.
إن رفع مستوى المردود الإيجابي للإعلام المجتمعي وشبكات التواصل والاستفادة من قدرة المؤثرين والمشاهير على التأثير في تطوير حياة المجتمعات وتنميتها إلى الأفضل بمحتوى مفيد وفكر نافع ورؤى مبدعة وصور مدهشة، يتطلب مبادرات جادة وبرامج مبتكرة لدعم وتعزيز قدراتهم وخبراتهم ومعارفهم في ظل الأهمية المتزايدة لشبكات التواصل الاجتماعي وانتشارها وتنامي دورها في مختلف جوانب الحياة.
إنّ بناء قاعدة من المتابعين الأوفياء والحفاظ عليها ليس بالأمر السهل، وهو يزداد صعوبة مع مرور كلّ يومٍ، نظرًا للعدد الهائل من الأشخاص الذين يطمحون لدخول هذا المجال والعمل فيه، لذلك يتعّين على المؤثرين والمشاهير من غير المتخصصين في مجالات الإعلام، أن يكونوا حذرين للغاية، فيما يتعلّق بالخوض في مسائل الإعلام الشائكة أو تقديم محتوى خبري متخصص، حتى لا تهتز صورتهم ويفقدوا ثقة جمهورهم، فينصرف عنهم، بل ويتسببون في زيادة إرباك المشهد الإعلامي.