رسائل تطمين بثها رئيس مجلس السيادة السوداني، اليوم الأحد، من قاعدة «حطاب» العسكرية إلى المجتمع الدولي قبل مشاركته غدًا في مؤتمر المناخ 2022 بمصر، علاوة على أخرى تسبق مفاوضات سياسية، تجرى منتصف الشهر الجاري، حملت تحذيرا لمنسوبي نظام البشير و"الإخوان"، ومنها أيضا سهام اتهام جهات بإشاعة أن الجيش يعمل على إعادة الحركة الإسلامية للحكم.
الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان زار قوات قاعدة «حطاب» العملياتية، وقال: إن القوات المسلحة لن تتأخر عن تلبية نداء الشعب السوداني، بالرغم من الهجمات التي ظلت تتعرض لها من فئات محددة ومعروفة ظلت تبث الأكاذيب، والإشاعات المغرضة وتحرض ضدها، وتروج أن الجيش يعمل على إعادة المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية للحكم، وأوضح أن غرضها من ذلك التكسب السياسي طمعا في السلطة.
توقيت خِطاب ناجح
قال قائد سابق بالجيش السوداني لـ«اليوم» طلب عدم نشر اسمه: إن الفريق أول عبد الفتاح البرهان، نجح في توقيت خطابه، فهو يسبق منبرين، خارجيا وداخليا.
ولفت إلى أنه سيغادر الى العاصمة المصرية القاهرة للمشاركة يوم غدٍ الإثنين في مؤتمر المناخ بشرم الشيخ، وهنا يضع المجتمع الدولي أمام سياسيته المبنية على علاقته المنفصلة تماما عن نظام البشير السابق، وقيادة الجيش لا تمت بصلة مع الحركة الإسلامية، وكان واضحا في ذلك، عندما حذر أعضاء المؤتمر الوطني: "أبعدوا عن القوات المسلحة".
وفيما يخص مدى تجاوب المجتمعين الإقليمي والدولي مع خطاب رئيس مجلس السيادة بانتفاء الصلة بين قادة الجيش وحزب المؤتمر الوطني، يقول: الحركة الإسلامية في السودان عملت على حشد آلتها الإعلامية في العامين الماضيين في رصد القصور في أداء حكومة عبد الله حمدوك، وفساد بعض قادة أحزاب قوى الحرية والتغيير المركزي قحت، ونجحت؛ مما وضع الشارع في شك وعدم يقين فيما يمكن أن تحققه له حكومة الثورة، والمقارنة بين وضع معيشي ووفرة في عهد البشير، وما يقابله المواطن من أزمات يومية متلاحقة في عهد «قحت».
العلاقة بالسعودية ومصر
الضابط في الجيش السوداني واصل حديثه لـ«اليوم»، قائلا إن ما حدث وقتها وما لحقه من سيطرة بدت ظاهرة للحركة الإسلامية، وما يجري الآن من عودة معظم النقابات المحلولة والمصادرة من لجنة إزالة تمكين نظام البشير، إلى مجالس إدارتها السابقة المحسوبة على المؤتمر الوطني، أظهر أن الجيش الداعم الرئيس لـ«الإخوان»، ويعمل على عودة قادتهم، في نفس الوقت نجد أن مصر والسعودية، لا ترغبان بعلاقة مع نظام أو دولة يديرها تنظيم مصنف إرهابيا في كلا البلدين، وهي سياسة خارجية إقليمية واضحة، وكان لا بد أن يضع البرهان ذلك في حساباته، باعتبارهما الجارين الأقرب والداعمين الأكثر للشعب السوداني، وما قاله البرهان أعتبره رسالة طمأنة للبلدين الشقيقين.
وحول الرسالة إلى الداخل، شدد القائد السوداني، على أنها حذرت الحركة الإسلامية ومنسوبيها، من أن القوات المسلحة خط أحمر ممنوع تجاوزه>
وقال: «هذا يعني بالواضح لا تصّوروا أنفسكم أوصياء على الجيش وقادته»، ولفت إلى أن هذا تحديدًا يؤكد للشارع السوداني ولجان المقاومة، أن البرهان قطع الطريق أمام محاولة «الإخوان» إعادة تدوير «بربوغاندا» سابقة استُخدمت ضد حكومة حمدوك وأحزاب «قحت»، وهو ما يتوقع استخدامه مرة أخرى رفضًا للتسوية المتوقعة، التي لا تتوافق مع طرح الحركة الإسلامية وفكرها السياسي أو الأيدلوجي، باعتبار أن الطرف الآخر الذي يتفاوض معه الجيش هم من «اليسار» الداعي لفصل الدين عن الدولة.
الجيش «خط أحمر»
رئيس مجلس السيادة شدد في خطابه، على عدم السماح لأي جهة بالتدخل في شؤون القوات المسلحة التي تعتبر خطوطًا حمراء غير مسموح بتجاوزها، كما جدد التأكيد على أن الجيش ليس له قبيلة أو جهة أو حزب ليدافع عنه، خاصة المؤتمر الوطني ومنسوبي الحركة الإسلامية، الذين قال: "إن عليهم الاكتفاء بالثلاثين عاما التي مضت"، وقطع أنهم لن يصلوا مجددا إلى السلطة من خلال القوات المسلحة.
وأوضح موقف القوات المسلحة من التفاهمات الجارية، قائلا: "مبدأ القوات المسلحة الثابت هو أن تضع يدها في يد كل وطني يعمل على مصلحة البلاد، لكنها لن تنحاز إلا لقضايا الوطن والمواطن".
وشدد على أنه لن تمر أي مبادرة أو رؤية لا تحقق تطلعات الشعب ولا يتوافق عليها الجميع.
ودعا البرهان القوى الحريصة على مصلحة البلاد، إلى أن تتراضى وتتوافق فيما بينها لإكمال الفترة الإنتقالية بتوافق لا يستثنى أحدا سوى المؤتمر الوطني، منوها إلى أنه كان بمقدور قيادة الجيش أن تشكل حكومة، لكنها اختارت أن تمضي في طريق التوافق الوطني، الذي إذا لم تفلح القوى السياسية في تحقيقه ستمضي القوات المسلحة السودانية بالبلاد إلى الأمام.