لعل العنوان يبدو غريبًا في الوهلة الأولى، ويثير عددًا من التساؤلات، من أهمها: (هل أنا أدفع ضريبة لأني امرأة؟) الجواب هو نعم، هنالك ضريبة تدفعها النساء وحدهن دون غيرهن، وتسمى بـ «الضريبة الوردية»، ففي هذا المقال سنتحدث بالتفصيل عن الضرائب الوردية، وكيف هي أصبحت ثقافة نراها طبيعة في حياتنا رغم أضرارها.
ظهر مصطلح «الضريبة الوردية» لأول مرة عام 1996 في أمريكا عقب نشر مجلة «فوربس» تقريرًا يسلّط الضوء على إشكالية وجود فرق سعري بين المنتجات النسوية والرجالية ذاتها، فيقصد بها الضريبة التي تُفرض على السلع التي تقتنيها المرأة مقارنة بما يقتنيه الرجال من منتجات.
ويجب علينا الإشارة لكونها ليست ضريبة حقيقية في الواقع، لكنها «ممارسة تسعيرية تمييزية» على أساس الجنس تُفرض من قِبَل كبار التجار، فعندما تبيع شركة منتجًا ورديًّا للإناث بأكثر من منتج أزرق للرجال، فإن الإيرادات الإضافية من المنتج الوردي لا تذهب إلى الحكومة، بل المستفيد الوحيد منها هو الشركات.
فعندما نحلل هذه الفروقات بين المنتجات المعروضة في الأسواق نجد أن هذا شكل من أشكال التمييز على أساس الجنس، فعلى سبيل المثال إذا أردت شراء منتج كالشامبو، أو البلسم، أو مزيل العرق، أو غسول للجسم، أو شفرات الحلاقة ستجد سعرها للنساء أغلى من الرجال، وإن كانت كلها لها نفس الفاعلية والعلامة التجارية، والمبرر الوحيد لهذا التمييز في الغالب كون العبوة زهرية وذات روائح عطرية قد تعجب المرأة، فالسؤال الحقيقي الذي يجب أن نطرحه: (إلى أي مدى يختلف الرجل والمرأة عن بعضهما البعض؟).
في دراسة أجرتها إدارة شؤون المستهلكين في مدينة نيويورك (DCA)، المسؤولة عن الحفاظ على الأسعار، فحصت فيها إجراءات التسعير لعدة منتجات مصنوعة للجنسين بدءًا من منتجات الأطفال وحتى منتجات الكبار.
وشملت الدراسة اللعب والإكسسوارات، وملابس الأطفال، وملابس البالغين، كما شملت منتجات العناية الشخصية ومنتجات الرعاية الصحية المنزلية لكبار السن، فقارنت الدراسة ما يقرب من 800 منتج للذكور والإناث، من أكثر من تسعين علامة تجارية، تُباع في أكثر من عشرين متجر تجزئة بمدينة نيويورك، سواء عبر الإنترنت أو في المتاجر.
وتوصَّلت الدراسة إلى أن الإناث يدفعن أكثر من الذكور بنسبة 7% في ألعاب الأطفال وإكسسواراتهم، و4% في ملابس الأطفال، و8% في ملابس الكبار، إضافة إلى 13% في منتجات العناية الشخصية للكبار، و8% لمنتجات الرعاية الصحية المنزلية لكبار السن.
وزارة التجارة تبذل جهودًا كبيرة وملحوظة في مراقبة أسعار المنتجات، عبر رصد أسعار السلع التموينية والضرورية باستخدام نظام إلكتروني يتم من خلاله متابعة أسعار أكثر من 217 سلعة بأنحاء البلاد، ومقارنتها بالأسعار في الدول المجاورة ومتابعة أي تطورات تؤثر في حركة العرض والطلب وتطبيق العقوبات النظامية في حال وجود مخالفات أو تلاعب في الأسعار.
أرى أن هناك عددًا من الطرق التي نستطيع بها تجنب الضريبة الوردية، ومن أهمها تجنب شراء كثير من الملابس المصنفة على أساس الجنس، وشراء الملابس التي تناسب كلا الجنسين، كما بإمكانكِ كمستهلكة البحث عن بدائل لمنتجاتكِ الوردية، واتخاذ قرار منطقي بالتوقف عن شراء المنتجات ذات السعر الأغلى.
وختامًا يجب علينا نشر التوعية والثقافة فيما يتعلق بـ «الضريبة الوردية»، وكيف تعتبر من الممارسات المُجحفة في حق النساء بناءً على جنسنهن، ويجب علينا أن نُشيد أيضًا بالجهود التي تبذلها وزارة التجارة في التصدي لهذه الظاهرة.