قالت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "إيرينا" في تقرير جديد خلال مؤتمر الأطراف COP27: إن مستوى الطموح الجماعي للانتقال في قطاع الطاقة ليس كافيا حتى الآن على الرغم من ميثاق غلاسكو للمناخ الذي دعا الدول إلى تحديث أهدافها لعام 2030 في تعهداتها الوطنية. ووفقاً لتقرير الوكالة "نظرة مستقبلية لتحولات الطاقة حول العالم 2022"، فإن نصف الطاقة التي سيتم استهلاكها في عام 2050 ستأتي من الكهرباء. و90% من جميع عمليات إزالة الكربون ستشمل مصادر طاقة متجددة؛ سواء عبر الإمداد المباشر بالطاقة منخفضة التكلفة، أو كفاءة الطاقة، أو اعتماد النظم الكهربائية، أو الطاقة الحيوية المستدامة، أو الهيدروجين الأخضر.
ويقيم التقرير الذي أصدرته "إيرينا" بعنوان "أهداف الطاقة المتجددة في عام 2022: دليل لصياغتها" مستوى طموحات الطاقة المتجددة في التعهدات المناخية الوطنية والأهداف المعيارية مقابل هدف المناخ العالمي المتمثل بوقف ارتفاع درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية.
وقال التقرير: إن مصادر الطاقة المتجددة حجر الأساس لعملية الانتقال في قطاع الطاقة وحلاً يمكن تطبيقه فوراً للتصدي للتغير المناخي. ومع ذلك، فإنه من بين 183 دولة موقعة على اتفاق باريس تُدرج مصادر الطاقة المتجددة في مساهماتها المحدد وطنياً، يوجد فقط 143 دولة لديها أهداف محددة كمياً ومعظمها يركز على قطاع الطاقة. فيما التزمت 12 دولة فقط بإدراج نسبة مئوية معينة من الطاقة المتجددة في مزيجها الإجمالي من الطاقة.
وقال مدير عام الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، فرانشيسكو لا كاميرا: "بتنا في مرحلة تتطلب منا الإسراع في التنفيذ، لذا أدعو قادة العالم إلى سدّ الفجوة في نشر مصادر الطاقة المتجددة بشكل عاجل لضمان تحقيق مرونة وأمن الطاقة وبناء اقتصادات شاملة".
وأضاف: "يمثل تقرير ’آيرينا‘ تحذيراً للمجتمع الدولي بأنّ مصادر الطاقة المتجددة تقدم حلاً مناخياً يمكن اللجوء إليه بكل سهولة ولكنه يتطلب تنفيذاً على وجه السرعة. كما أنّ التعهدات المناخية يجب أن ترتقي بطموحات نشر الطاقة المتجددة حتى تكشف كلياً عن إمكاناتها الكاملة وغير المستثمرة".
وتابع لا كاميرا: "نحن أمام حاجة حقيقة ملحة. فبصرف النظر عن إحراز بعض التقدم، إلاّ أنّ الانتقال في قطاع الطاقة لا يزال بعيداً عن مساره الصحيح، وأيّ تقاعس عن العمل اتجاه هذا الأمر في المدى القريب سيضعف بشكلٍ كبير فرصة إبقاء هدف وقف ارتفاع درجات الحرارة عند 1.5 مئوية في متناول اليد. لذلك يجب علينا أن نعمل تحت شعار مؤتمر الأطراف COP27 ’معاً نحو التنفيذ‘ لنترجم الوعود إلى حلول واقعية ملموسة تفيد جميع شعوب ومجتمعات الأرض".
وكشف التقرير الجديد لـ "آيرينا" أن البلدان تستهدف الوصول إلى قدرة إنتاجية مركبة من الطاقة المتجددة قدرها 5.4 تيراواط بحلول عام 2030. وهو ما يمثل فقط نصف 10.8 تيراواط من القدرة الإنتاجية المركبة المطلوبة وفقاً لسيناريو "آيرينا" بوقف ارتفاع درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية. ولتحقيق الحياد الصفري، يجب مضاعفة القدرة الإنتاجية المركبة المستهدفة للطاقة المتجددة بحلول عام 2030 مقارنة بمستوى الطموحات في الأهداف الحالية.
وبحسب تقرير الوكالة، فإن هذا الهدف ممكن التحقيق بسهولة اليوم، إذ تُعتبر مستويات انتشار الطاقة المتجددة المحققة مؤخراً مبشرة جداً بالنسبة لأهدافها الحالية. ولتحقيق الأهداف الحالية بحلول عام 2030، ستحتاج البلدان إلى إضافة 2.4 تيراواط من القدرة الإنتاجية، أي ما يعادل إضافات سنوية بمعدل وسطي يبلغ 259 جيجاواط خلال السنوات التسعة المقبلة. وهذه الإضافات أقلّ من القدرة المركبة الفعلية المضافة خلال عامي 2021 و2022؛ فرغم المضاعفات التي حدثت جراء الجائحة وما ترتب عليها من اضطرابات في سلسلة التوريد، أضاف العالم حوالي 261 جيجاواط كل عام.
إلى جانب ذلك، تبقى الطاقة المتجددة المستهدفة بحلول عام 2030 متركزة في عدد قليل من المناطق على مستوى العالم. وتشكل قارة آسيا نصف القدرة الإنتاجية المستهدفة عالمياً، تليها أوروبا وأمريكا الشمالية. ومن الجهة الأخرى، تمثل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 3% فقط من الأهداف العالمية لنشر الطاقة المتجددة لعام 2030، رغم الإمكانات العالية التي تنعم بها المنطقة. في حين تمثل منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ما يزيد قليلاً عن 2% من إجمالي الأهداف العالمية لعام 2030.
وتنتمي جميع البلدان التي تستهدف أعلى مستوى لنشر الطاقة المتجددة إلى مجموعة العشرين، وتشكل مجتمعةً ما يقارب 90% من الهدف الإجمالي العالمي. كما أن إجمالي أهداف البلدان النامية الأقل تطوراً والدول الجزرية الصغيرة النامية ستضاعف قدرتها الإنتاجية الحالية من الطاقة المتجددة، بالرغم من أن هذه البلدان تشكل حصة صغيرة من نسبة الانتشار الأخيرة.
ويستند التقرير الجديد لوكالة "آيرينا" إلى "التقرير التجميعي للمساهمات المحددة وطنياً لعام 2022" الصادر مؤخراً عن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والذي يوضح أن الخطط المناخية ما تزال غير كافية لوقف ارتفاع درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية بحلول نهاية القرن.