في الوقت الذي يسابق خبراء الصحة عالميًا الزمن لوقف آثار تغير المناخ السلبية على صحة الإنسان، تشير توقعات منظمة الصحة العالمية لاحتمالية وقوع نحو 250 ألف وفاة كل عام بحلول 2030، نتيجة سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري، فيما تهدد التغيرات المناخية بضياع 50: 58 ساعة من ساعات النوم بحلول 2099.
وتتراوح التكاليف المباشرة للضرر على الصحة بسبب التغير المناخي، بين 2: 4 مليارات دولار أمريكي في العام، بحلول 2030، دون احتساب التكاليف في القطاعات المحددة للصحة مثل الزراعة والمياه وخدمات الصرف الصحي.
وتقول المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها: "يؤثر تغير المناخ على صحة الإنسان بطرق عديدة، من بينها زيادة أمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية، كما تزيد الوفيات المبكرة المتعلقة بظواهر الطقس المتطرفة، والتغيرات في انتشار الأمراض المنقولة بالغذاء والمياه والتوزيع الجغرافي للأمراض المعدية الأخرى، وتهديدات للصحة العقلية".
تغير المناخ يؤثر في الأنشطة البشرية اليومية
يؤثر تغير المناخ أيضًا بقوة على الأنشطة البشرية اليومية الأساسية، بما في ذلك مجموعة من النتائج السلوكية والنفسية والفسيولوجية التي تعتبر ضرورية للرفاهية، وهو ما أكدته مجلة One Earth، إذ أكد باحثون أن زيادة درجات الحرارة المحيطة تؤثر سلبًا على نوم الإنسان في جميع أنحاء العالم.
وتوقعت دراسة دنماركية نشرت في 20 مايو الماضي، بحلول عام 2099، ارتفاع درجات الحرارة دون المثالية، قد تؤدي إلى تآكل 50 إلى 58 ساعة من النوم للشخص الواحد سنويًا.
وكشف الباحثون أن تأثير درجة الحرارة على قلة النوم أكبر بكثير بالنسبة للمقيمين من البلدان ذات الدخل المنخفض، وكذلك لدى كبار السن والإناث.
ويقول كيلتون مينور، من جامعة كوبنهاجن، ومؤلف الدراسة: "تشير نتائجنا إلى أن النوم -وهو عملية ترميمية أساسية لا تتجزأ من صحة الإنسان وإنتاجيته- قد يتدهور بسبب درجات الحرارة الأكثر دفئًا".
ويضيف: "من أجل اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن سياسة المناخ للمضي قدمًا، نحتاج إلى حساب أفضل لمجموعة كاملة من التأثيرات المناخية المستقبلية المعقولة التي تمتد من خيارات انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في المجتمع اليوم".
زيادة الوفيات خلال الأيام الحارة
من المتعارف عليه أن الوفيات تزيد خلال الأيام الحارة، وتؤدي إلى تدهور الأداء البشري، ومع ذلك لم تفهم الآليات البيولوجية والسلوكية الكامنة وراء هذه الآثار جيدًا.
فيما تنخفض جودة النوم الذاتي خلال فترات الطقس الحار وفق بيانات واردة من الولايات المتحدة الأمريكية، لكن لا يزال غير واضح حتى الآن تأثير تقلبات درجات الحرارة على التغيرات في نتائج النوم لدى الأشخاص الذين يعيشون عبر مجموعة متنوعة من المناخات العالمية.
وتقدم الدراسة أول دليل على أن درجات الحرارة الأكثر دفئًا من المتوسط تؤدي إلى تآكل نوم الإنسان، ويقول مينور: "نظهر أن هذا التآكل يحدث في المقام الأول عن طريق التأخير عندما ينام الناس، بينما يكون التقدم عندما يستيقظون خلال الطقس الحار".
المناخ يؤثر في صحة الفئات الأكثر ضعفًا
من المؤسف أن مخاطر تغير المناخ تؤثر في صحة الفئات الأكثر ضعفًا وحرمانًا، النساء والأطفال والأقليات الإثنية والمجتمعات الفقيرة والمهاجرون أو المشردون وكبار السن تحديدًا، والأفراد الذين يعانون ظروفًا صحية كامنة.
ورغم كل هذه المخاطر يصعب حساب التكلفة المادية لتأثيرات تغير المناخ بشكل دقيق، وتقول منظمة الصحة العالمية في أحدث تقاريرها: "رغم أن تغير المناخ يؤثر تأثيرًا واضحًا في صحة الإنسان، فإنه يظل من الصعب تقدير حجم وتأثير العديد من مخاطر تغير المناخ على الصحة على نحو دقيق".
ترى الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن تفادي الآثار الكارثية على الصحة ودرء وقوع ملايين الوفيات المرتبطة بتغير المناخ، يقتضيان من العالم أن يحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى أقل من 1.5 درجة مئوية.
غير أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى مستوى معين والتغيرات الأخرى التي طرأت على المناخ بات أمرًا محتومًا.
تعتبر التأثيرات المباشرة وغير المباشرة لتغيرات المناخ هي الأقوى في عمق وطول فترة تداعياتها على صحة الإنسان.
التغيرات المناخية خطر على الصحة العقلية
حذر علماء النفس من خطورة التغيرات المناخية على الصحة العقلية، خاصة بين الأطفال والبالغين على حد سواء، ومنها على سبيل المثال القلق البيئي، والاكتئاب المناخي.
وقال العلماء: "إن قدرة البشرية على التكيف مع التغيرات المناخية والتخفيف من تأثيراتها السلبية، تعتمد في النهاية على قدرتنا العاطفية والنفسية على مواجهة هذا التهديد".
بالطبع ارتفاع درجة حرارة الأرض ستكون له آثار سلبية كبيرة على صحة الإنسان، لذا على الباحثين في طب الأطفال إيجاد سبل لحماية أطفال اليوم، حيث إنهم سيعيشون هذا الواقع في المستقبل.