أستعرض اليوم بإيجاز النمط الإداري في بعض الشركات السعودية، بما في ذلك الشركات التي توجّه نشاطاتها عالميًّا، حيث لا يزال النمط القيادي المركزي مسيطرًا عليها؛ ما يضعفها أمام المنافسة العالمية.
المركزية في صنع القرار والتركيز على العملية الإدارية فقط أصبحت من الأساليب الإدارية القديمة التي لا تتفق مع الإدارة بالمشاركة التي تعتبر اليوم النمط الإداري الأكثر شيوعًا في الشركات العالمية الناجحة. تنخر البيروقراطية الإدارات في بعض الشركات السعودية التي لا تتبنى اللا مركزية وتمكين الموظف بالرغم من الأصوات التي تنادي بمنهج الإدارة الحديثة الذي يعتبر الموظف موردًا بشريًّا هامًّا يحقق لها النجاح.
ويساهم الموظف، مهما صغر منصبه، في سياسات الشركة، ويقوم بالعملية الإنتاجية ويصنع ثقافتها، ومع هذا كله نجده مجهولًا من قِبَل الإدارة، فلا تلبى احتياجاته ولا تراعى ظروف العمل المحيطة به، وكأنه آلة ضمن الآلات في الشركة. ولا تزال معظم الشركات السعودية ممثلة بمديريها تشك في تطبيق الكثير من مفاهيم الإدارة الحديثة التي تعطي الموظف وزنًا كبيرًا في نجاحها.
التطور في العلاقات العمالية وتنمية الموارد البشرية وتطوير علم النفس الصناعي الوظيفي لا نجد لها أهمية في معظم الشركات السعودية.
حب السلطة والاستحواذ على القرار من الصفات السائدة بين المدراء في أغلب الشركات السعودية، حيث يعتقدون أن السلطة مطلقة، ولا يمكن تفويضها للموظفين من ذوي الخبرات والمهارات والمعرفة خوفًا من فقدهم العصا السحرية التي يوجهونها نحو هؤلاء الموظفين للترهيب والعقاب والتنمر.
يحاول التوجه الإداري الحديث فهم الموظف والتعاون معه، وإشراكه في صنع القرار، وجعله جزءًا أساسيًّا في القيادة من خلال المشورة التي يقدمها الموظف للإدارة فيما يخص وظيفته وقسمه وإدارته.
تبنَّت الشركات الغربية الإدارة بالأهداف والإدارة بالمشاركة بشكل طوعي، بينما البعض الآخر منها تبناها تحت ضغوط قانونية لتغيير النمط القيادي التعسفي إلى النمط الإنساني.
المدير العالمي يواجه مقاومة التغيير، خصوصًا عندما يكون متعسفًا لا يهمه الموظف، لذلك لا بد له من تغيير نمطه القيادي لكسب ثقة واحترام موظفيه؛ ما يقلل مقاومتهم للتغيير. التغيير في النمط القيادي دليل على وعي المدير العالمي وانفتاحه نحو العالم، لكن هذا لا يكفي إلا إذا توافرت المعرفة والمهارات الضرورية لتطوير الشركة عالميًّا؛ لأنه يتعامل مع تنوُّع الموظفين.
يواجه المدير العالمي عدة تحديات تحكم نجاحه مثل اللغة والثقافة والسياسة والمجتمع والمنافسة والحكومة والموظفين المتعددين الثقافات والجنسيات، بالإضافة إلى خبرته ومعرفته الإدارية المحلية تحت الظروف العالمية الجديدة، حيث لا يمكن تعميم النظرية الإدارية في جميع أنحاء العالم، وفي جميع الحالات. فالإدارة في اليابان قد تكتسب طابعًا يابانيًّا يعتمد على ما يسمى بالإدارة اليابانية التي يحكمها أسلوب فريق العمل، بينما تعتمد الإدارة الغربية وبالذات في الولايات المتحدة الأمريكية على المجهود الفردي. وتضيف الثقافة لكل بلد إلى الإدارة العالمية مذاقًا محليًّا يعطيها رونقًا متميزًا، لكنه لا يؤثر بشكل سلبي في النتائج في معظم الحالات، بل قد يكون ضروريًّا للحفاظ على القيم الإدارية المحلية. ويتطلب التدريب اللغوي والثقافي بشكل عام استعداد الموظف وتقبّله للمجتمع الجديد، فكم من مدير لم يُكمل مهمته خارج بلده؛ بسبب عدم التكيُّف مع الثقافة الجديدة.
وفي الختام.. يجب إعداد المدير العالمي السعودي للقيام بمهامه الوظيفية بدرجة كافية لنجاح مهمته في الدول التي يوفد إليها للعمل. فالتعرف على ثقافة الدولة يسهل على المدير العالمي عمليات الاتصال المتعلقة بنشاطات الشركة. ولنتذكر دائمًا أن الشركة لا تعمل بمعزل عن البيئة التي تزاول فيها نشاطاتها المختلفة.
مرونة وانفتاح المدير العالمي يساعدانه على التكيّف مع البيئة الجديدة، ويقللان من تكاليف تدريبه وإعداده مهمته الجديدة.
@dr_abdulwahhab