يتبنى بعض الناس ثقافة الأعذار للتخلص من القلق أو الشعور بالذنب وتحمُّل المسؤولية عن الأحداث غير المرغوبة في الحياة، فيمارس الأعذار والإسقاطات كحيلةٍ نفسيةٍ للحماية الذاتية من هذه المشاعر المنخفضة.
لكن مع الأسف هو لا يدرك أن إدمانه على الأعذار يقوده إلى إعاقة الذات، وربما سحقها؛ لأن تكرار استخدامه للأعذار سوف يرسخ اعتقادًا في اللا واعي، يدعم الشعور بالعجز، وضعف القدرات، وقلة الحيلة، وعند تعرضه لأي حدث أو مشكلة سينصرف عقله لا شعوريًّا في البحث لابتكار أعذار مقنعة بدلًا من مواجهة التحديات وإيجاد الحلول.
يستمر الناس في تبنّي ثقافة الأعذار لما توفره من مكافآت نفسية، فهي تقي الإنسان القلق من خوض المجهول، وتدعم بقاءه في منطقة الراحة التي توفر له الأمان النفسي، كما أنها تخلّص الشخص من شعور المسؤولية عن الأخطاء بإسقاط اللوم على الآخرين، فيستمر الشخص في ممارسات طفولية اعتمادية يمارسها بنية الحماية، بينما في الحقيقة هي تعيق النمو وتطور الذات.
أود أن أسوق إليك بعض الأعذار الشائعة التي يتبناها الناس، وتعيق تحقيق أهدافهم، بينما هي مجرد عقبات نفسية، وأصنام عقلية تحتاج فقط إلى وعي وإدراك لتجاوزها:
أول الأعذار هو الصعوبة، فيدّعي أن هذا الأمر صعب دون تجربة حقيقية، واختبار درجة الصعوبة فعليًّا.
كذلك قد يدّعي الأشخاص أن هذا الأمر لا يُناسب طبيعتهم، بينما هم يتمسكون بهذا المنظور عن طبيعتهم؛ لأنهم يعانون من الجمود، ولم يسعوا لتوسيع خياراتهم في الحياة، والدخول في تجارب جديدة؛ ليتحققوا من انسجامها مع طبيعتهم من عدمه.
الانشغال والتعذر بضيق الوقت، بينما هذا الانشغال يحدث نتيجة خياراتك في الحياة، فقد تكون فشلت في إدارة وقتك وترتيب أولوياتك.
ومن الأعذار أيضًا أن إنجاز الأمر يحتاج لوقت طويل، واجه نفسك بأن هذا الوقت سيمضي في كل الأحوال، فالأفضل أن تنشغل بإنجازات تفيدك بدلًا من ضياعه سُدى.
النجاح يتطلب درجة عالية من الانضباط الذاتي، وتحمّل المسؤولية، والتخلص من الأعذار سوف يخلق لديك حافزًا للحركة والعمل، وإدارة الوقت والفاعلية في حل المشكلات، فتستيقظ هِمَّتك النائمة، وتستكشف قدراتك المهدورة.
للتوقف عن ابتكار الأعذار، أقترح عليك أن تغيِّر نمط تفكيرك وبرمجته بطريقة تتيح لك تحقيق أهدافك، وابدأها بأن تعيش في اللحظة هنا والآن، لاحظ أن أغلب أعذارك تسقطها على خبراتك عن ذاتك في الماضي أو ما تحتاجه منذ وقت في المستقبل، وتوقف عن إصدار الأحكام على الآخرين والأحداث؛ لأنها ستدعم اتجاهك للعجز والكسل (الحكم على مديرك بأنه ظالم عُذر مقنع لعدم التطور في العمل).
توقف عن اللوم والشكوى واستسلم لإرادة الله، ثم تحمَّل مسؤولية حياتك كاملة.
أخيرًا.. يجب علينا ممارسة دور مجتمعي للتصدي لانتشار الأعذار، بعدم قبول الأعذار من الأشخاص الذين يواظبون على تقديمها، قد يراه البعض مسلكًا متشددًا، لكنه مهم في حالات معينة، لوضع الشخص أمام مسؤولياته، ودفعه إلى تحمُّل تبعات ونتائج أعماله.
@Walla Gassim