[email protected]
أنا الخليجي، أنا الخليجي، وأفتخر أني خليجي....
كم هي جميلة تلك الأغنية الأنشودة التي رافقت مجلس التعاون الخليجي منذ نشأته إلى اليوم. نعم للخليج أن يفخر بإنجازاته، بأناسه، بطاقاته وبمستويات التنمية التي حققتها دوله على كافة الأصعدة على مستوى العالم، والأهم من ذلك بقيمه.
يعيش الخليج والعالم هذه الأيام على وقع استضافة إحدى دوله كأس العالم لكرة القدم، الرياضة الشعبية الأولى في العالم في مناسبة لا تتكرر سوى مرة واحدة كل أربع سنوات، غير أنها بالنسبة للدولة المضيفة ولأشقائها في الخليج وفي المنطقة عمومًا لا تتكرر سوى مرة واحدة في العمر.
ومع اقتراب إعلان صافرة البدء لهذه التظاهرة الكروية الكبرى تعالت أصوات الانتقادات الموجهة ضد الدولة المضيفة لأسباب أعلن عن بعضها، ولم يُعرف بعضها الآخر. ويبدو أن إسناد مهمة تنظيم تظاهرة كروية كبرى على وزن كأس العالم لدولة عربية مسلمة لم يرُق لبعض الدول التي ترى هذه اللعبة لعبًا وتنظيمًا حكرًا عليها فقط.
ما تتعرض له دولة قطر الشقيقة هذه الأيام من انتقادات ليس بمستغرب في عالم اليوم الذي فقد بوصلته الأخلاقية لدى البعض. فبالأمس القريب انهالت الاتهامات على شقيقتها الكبرى لمجرد أنها مارست حقها الطبيعي والسيادي في استقرار أسعار الطاقة.
لقد سمع العالم ورأى بأم عينيه ردود الأفعال غير المنطقية والمشحونة سياسيا وثقافيا، والتي خرجت من دوائر صنع السياسة الغربية، وكأن المملكة هي المسؤولة عن ارتفاع أسعار الوقود في الغرب.
المركزية الغربية والنظر لبقية العالم نظرة علوية على مختلف الأصعدة حقيقة تاريخية ثابتة، وقد برع الراحل إدوارد سعيد في تفكيك تلك الظاهرة في كتابه التاريخي «الاستشراق».
يبدو استعداد ممثلة الخليج تنظيمًا في هذا الحدث الرياضي الكبير لاستضافة البطولة أكثر من رائع. ولعل قرب الملاعب الثمانية التي ستُقام عليها جميع مباريات البطولة، والتنقل بينها في مدينة واحدة وتواجد جميع مشجعي كل المنتخبات ضمن هذه المساحة الواحدة، حدث غير مسبوق في تاريخ بطولات كأس العالم، وهو ما يضفي على هذه النسخة من كأس العالم تفردها.
وكما أننا شركاء في النجاح فإننا شركاء في المواجهة. حملات التشويه التي تتعرض لها قطر هذه الأيام مدانة من الجميع ليس من دول الخليج فقط، ولكن من بقية دول العالم التي عانت معظمها من تلك النظرة الاستعلائية على الشعوب التي لا تدور في فلك المركزية الغربية.
المملكة مُقبلة على استضافة العديد من الفعاليات والمؤتمرات والمبادرات النوعية المرتبطة بالتحول الوطني، ورؤية 2030، منها على سبيل المثال استضافة أكسبو القادم، والشرق الأوسط الأخضر الجديد، ومبادرات الطاقة الخضراء وغيرها، تُرى هل ستصاحب هذه المبادرات والمشاريع والقمم حملات تشويه وتشكيك مماثلة؟
كرة القدم رياضة، ويجب أن تبقى كذلك.
إن تسييس الرياضة، وإسقاط الخلافات السياسية عليها، سيفسدان متعتها، وهذا ما صرّح به الاتحاد الدولي لكرة القدم مؤخرًا بعد استفحال هذه الهجمة. وبدلًا من الرد على كل تلك الاتهامات فإننا مطالبون في قطر والخليج والعالم العربي عمومًا بإطلاع العالم على تفرّد وأصالة ونقاء قيمنا.
والجميع في الخليج والعالم العربي واثقون تمامًا بأن أبلغ رد على هذه الحملات هو النجاح الباهر الذي ستظهر عليه هذه البطولة، ونجاح قطر في تنظيمها هو نجاح لكل دول المجلس. إنه نجاح لنا في المملكة العربية السعودية، وللبحرين، والكويت، والإمارات العربية المتحدة، ولسلطنة عمان، وللعالم العربي ككل.
وكما بدأ هذا المقال بأنشودته الرائعة نحن في الخليج وفي العالم العربي جسد واحد، مهما بلغت حِدة الخلافات السياسية، فوحدة المنشأ والمصير فوق أي اعتبار.