أظهر تقرير اقتصادي ، أن الأخبار التي تصل إلى مسامع المتداولين تقود قطاعات السلع والأسواق المالية إلى اتخاذهم قرارات فورية ومؤثرة بشكل كبير، فيما حصدت المعادن المزيد من المكاسب التي حققتها في الفترة الأخيرة واستطاع النفط الخام تعويض خسائره السابقة.
وأشار رئيس إستراتيجية السلع لدى "ساكسو بنك" أولي هانسن في التقرير إلى أن الأسبوع الماضي شهد أحداثاً غير مسبوقة، إذ سجل مؤشر الأسعار الاستهلاكية الأمريكي لشهر أكتوبر تحسناً أقل من المتوقع، الأمر الذي تسبب بحالة من عدم الاستقرار في الأسواق نتيجة التوقعات بتخفيف الاحتياطي الفدرالي لسياسات التشديد الخاصة به بناءً على مجموعة من المعطيات الحديثة.
0.4 % ارتفاعا في مؤشر الأسعار الاستهلاكية الأمريكي
كشف التقرير عن ارتفاع مؤشر الأسعار الاستهلاكية الأمريكي لشهر أكتوبر بنسبة 0.4% في الشهر، وهو ارتفاع أقل من المتوقع، ليبلغ 7.7% على أساس سنوي".
وازداد في نفس الوقت معدل التضخم الأساسي، الذي يحظى باهتمام كبير المشاركين في السوق، بنسبة 0.3% في الشهر و6.3% خلال الأشهر الـ 12 الماضية.
وجاء كلا الرقمين أقل من المتوقع بنسبة 0.2%، حيث تشكل هذه الأرقام المرتفعة مصدر قلق بالنسبة للاحتياطي الفدرالي لكنها تشير إلى التراجع البطيء الذي يسجله معدل التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأبدت الأسواق استجابةً غير مسبوقة على ذلك؛ حيث ارتفعت قيمة الأسهم الأمريكية بأكثر من 5%، فيما انخفضت عائدات السندات الأمريكية المستحقة بعد 10 سنوات بمقدار 30 نقطة أساس.
وأسهم انخفاض قيمة الدولار الأمريكي في تعزيز المشهد الإيجابي الذي شهدته الأسواق عموماً والسلع خصوصاً.
وسجل الين الياباني، وهو العملة الأكثر مبيعاً مقابل الدولار الأمريكي، أكبر مكاسب ليوم واحد منذ عام 1998، في حين استفاد اليورو من مرحلة التعافي التي يشهدها ليرتفع إلى أعلى معدل خلال ثلاثة أشهر في منطقة 1.0350 يورو.
انخفاض سعر القمح متأثرة بتوقعات زيادة الإمدادات
تصدرت المعادن الصناعية والثمينة المشهد، في حين تراجع سعر التداول في قطاع الحبوب على الرغم من تراجع الدولار الأمريكي، وذلك بسبب انخفاض سعر القمح، حيث انخفضت الأسعار في شيكاغو وباريس متأثرةً بالتوقعات حول زيادة كميات الإمداد العالمي في السوق.
أشار تقرير العرض والطلب الشهري الصادر عن وزارة الزراعة الأمريكية (تقرير تقديرات العرض والطلب الزراعية في العالم)، إلى أن إجمالي مخزونات القمح العالمية يبلغ 268 مليون طن، وهو أعلى بقليل من توقعات أكتوبر التي كانت 268 مليون طن، وأعلى بمقدار بسيط من توقعات المحللين بانخفاض طفيف إلى 266.5 مليون طن.
وواجهت أسعار القمح أيضاً ضغوطات نتيجة الحديث عن نية القوات الروسية الانسحاب من خيرسون، الأمر الذي من الممكن أن يزيد من احتمالية تمديد اتفاقية الممر الآمن الأوكراني التي تنتهي في 19 نوفمبر.
وأعلنت السلطات الصحية الصينية يوم الجمعة الماضية عن 20 إجراء جديد متعلق بأزمة كوفيد-19، وذلك بعد أسابيع من التوقعات بتخفيف الإجراءات الصارمة المفروضة من قبلها للحد من انتشار الفيروس.
ويتجه قطاع المعادن الصناعية إلى تسجيل أفضل أداه له خلال أسبوعين منذ مارس، إذ ارتفع بنسبة تتجاوز 12% بفضل النحاس، الذي شهد ارتفاعاً كبيراً ليهدد سياسة البيع التي سادت السوق خلال الأشهر القليلة الماضية.
الذهب يتنعش ويعكس مؤشرات إيجابية
يتجه الذهب إلى تسجيل أكبر مكاسب أسبوعية له منذ مارس بعد التوقعات المتواضعة لمؤشر الأسعار الاستهلاكية، والذي تسبب في هبوط كبير في عائدات المعادن عموماً والفضة خصوصاً إلى جانب الدولار الأمريكي.
وارتفع سعر تداول الذهب وفقاً لأحدث البيانات بنسبة 7% خلال الأسبوعين الماضيين نتيجة الدعم مرة أخرى عند مستوى 1615 دولاراً للأوقية.
وساهم تقرير توجهات الطلب على الذهب للربع الثالث لعام 2022 الصادر عن مجلس الذهب العالمي في تعزيز الأجواء الإيجابية بشكل كبير.
النحاس يقود التحسن في قطاع المعادن الصناعية
تداولت السوق النحاس بالقرب من أعلى سعر خلال خمسة أشهر، حيث سجل ارتفاعاً بنسبة 12% في الأسبوعين الماضيين متأثراً بانخفاض قيمة الدولار الأمريكي والتوقعات بموقف إيجابي من الصين لدعم النمو الاقتصادي من خلال السماح بتخفيف القيود المرتبطة بأزمة كوفيد-19 على الرغم من وصول عدد الإصابات إلى أعلى مستوى له منذ أبريل.
في ظل استمرار ضبابية التوقعات الاقتصادية العالمية نتيجة المخاوف من تعرض بعض الاقتصادات للركود، تبقى التوقعات بحدوث انتعاش مُستدام في هذه المرحلة أمراً مبكراً للغاية؛ حيث يحدّ التجار والمستثمرون من استجاباتهم السلبية لارتفاع الأسعار.
ومن المتوقع أن يستمر توجه العالم نحو الطاقة الكهربائية عالية الاعتماد على النحاس في كسب المزيد من الزخم، وذلك بعد عام متقلّب شهده العالم والحاجة إلى تقليل الاعتماد على منتجات الطاقة الروسية من الغاز والنفط والفحم الحجري.
وتتطلّب الشبكات الكهربائية في السنوات المقبلة استثمارات ضخمة جديدة معتمدة على النحاس لكي تتمكن من استيعاب الحمل الأساسي الإضافي، في الوقت الذي يواجه فيه المنتجون، مثل تشيلي، أكبر مورد عالمي للنحاس، العديد من الصعوبات من أجل تلبية أهداف الإنتاج في ظل انخفاض درجة نقاوة المعادن الخام ونقص المياه.
ويُعتبر التباطؤ في الاقتصاد الصيني حالة مؤقتة، ومن المرجح أن تركز تدابير التحفيز الهادفة إلى انتعاش الاقتصاد على قطاعي البنية التحتية والكهرباء، وهناك حاجة في كلا القطاعين إلى المعادن الصناعية.
واقترب النحاس عالي الجودة من منطقة المقاومة الرئيسية حول 4 دولارات للرطل، في حين أدى الهبوط إلى ما دون هذا المستوى إلى الركود الذي حدث في يونيو.
استقرار النفط الخام وسط التركيز على الدولار والتدابير الصينية
شهد سعر تداول نفط خام برنت وغرب تكساس الوسيط ارتفاعاً خلال الأسبوع، لكنه بقي ضمن نطاق محدد بحوالي 95 دولارا لبرميل خام برنت و90 دولارا لبرميل غرب تكساس.
وارتفع سعر النفط متأثراً بتخفيف القيود المتعلقة بأزمة كوفيد-19 في الصين، بالإضافة إلى الانخفاض في بيانات مؤشر الأسعار الاستهلاكية الذي نتج عن الأجواء الإيجابية التي تسود الأسواق العالمية وتراجع الدولار. ومن المتوقع أن يسبب القرار الأخير في الصين تحسناً في النمو، وبالتالي دعم زيادة الطلب على المواد الخام، بما في ذلك النفط.
وسجل النفط الخام معدلات طلب محدودة منذ يوليو، في حين استمرت سوق منتجات الوقود بالتراجع، حيث شحّت الإمدادات في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية بشكل متزايد، ما منح مصافي النفط هامشاً أكبر لتوفير البنزين ونواتج التقطير كالديزل وزيت التدفئة ووقود الطائرات.
وتقود اضطرابات سوق المنتجات إلى تراجع التوقعات بانخفاض أسعار النفط الخام على الرغم من المخاوف بشأن الركود. ولذلك نحافظ على توقعاتنا لنطاق سعري في برنت لهذا الربع بين 85 و100 دولار أمريكي، مع ضعف الطلب في السوق وتخفيض إنتاج مجموعة أوبك بلس والعقوبات المرتقبة من الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي، والتي تسبب انحرافاً متزايداً نحو الاتجاه الصعودي.