قال مختصون إن الأبناء المتعاطين للمخدرات كانوا يعيشون في أسر متفككة أو مضطربة وغير مستقرة، وإن تعاطي المخدرات يعد واحدًا من التحديات التي تهدد التماسك المجتمعي، وإن أهمية ترابط الأسرة ومعرفتها بالمتغيرات الحياتية لأبنائهم من أهم عناصر الوقاية.
الاختصاصية الاجتماعي والمختص في مجال الإدمان أمل الشهراني تقول: أغلب الدراسات الاجتماعية تشير إلى أن الأبناء المتعاطين للمخدرات كانوا يعيشون في أسر متفككة أو مضطربة وغير مستقرة، لذا فإن أهمية ترابط الأسرة ومعرفتها بالمتغيرات الحياتية لأبنائهم من أهم عناصر الوقاية؛ للحفاظ على الأبناء من المشكلات والانحرافات، وذلك يتطلب وعي الوالدين بضرورة الاقتراب من أبنائهم، والعمل على تنشئتهم التنشئة السليمة لحمايتهم من الانحرافات السلوكية، وأهمها الانجراف نحو تعاطي المخدرات.
وأشارت إلى أنه من الجيد طرح مثل هذه المبادرات من اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات؛ من أجل توعية الأسر، كوّن الأسرة هي أساس بناء المجتمع، وفي صلاحها صلاح للمجتمع كله، فالتوعية هي الركيزة الأساسية والأساس الذي تبنى عليه وقاية الأسر والحفاظ على استقرارها.
كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته
وقالت أستاذ الطفولة المبكرة المساعد بجامعة الملك سعود د. نجلاء بنت عيسى البيز: حملة خلك قريب تستهدف تسليط الضوء على دور الوالدين في حماية أبنائهم من المخدرات، وذلك من منطلق كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، وقد أثبتت الدراسات أن قوة تأثير الآباء على أبنائهم قد تفوق تأثير مؤسسات المجتمع الأخرى.
وأضافت: إن الحديث المفتوح مع الأبناء حول المخدرات وتوعيتهم بمخاطرها له أثر كبير في حمايتهم من الانجراف لها، وكذلك مساعدتهم على حسن اختيار الأصدقاء وممارسة الهوايات المحببة وإشغال أوقاتهم بما ينفعهم ويمتعهم بنفس الوقت يسهم في إبعادهم عنها، ومن المهم أيضًا توجيه الأطفال وتدريبهم على تقييم الخيارات المتاحة بحكمة وقول (لا) لما قد يضرهم.
حسن اختيار الأصدقاء والهوايات المحببة
ذكر القاضي بالمحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا أمن الدولة وجرائم الإرهاب سابقًا د. يوسف الغامدي: تنطلق حملة «خلك قريب» من باب التذكير، إنها ليست مجرد ذكرى أو قرب، إنها تتويج لانتصارات المملكة، ومنها الحرب الضروس على المخدرات، والتي تستهدف العالم والبشرية، ومنها المملكة، كونها قيّمَة الدول، وقلب العالم النابض بالحياة والاقتصاد الوافر الآمن بالعدل والاعتدال.
وأضاف: خلك قريبًا من أبنائك ومجتمعك ووطنك، لنكون أقوى، اقترب من أولادك وسامرهم والعب معهم وأحسن تربيتهم وتوجيههم، حذرهم من آفة المخدرات وتعريفهم بخطرها، وقتلها للناس وتشتيت وتدمير المجتمعات، والفتك بالهمم والعزائم خاصة الشباب، وكن خير موجه لهم، فإنه لا يسوغ ولا يعقل أن نهتم بأكلهم وملابسهم ثم لا نهتم بقلوبهم وعقولهم.
إيضاح المخاطر النفسية والعقلية
أشارت الكاتبة والمحققة الجنائية آلاء الحمد إلى أن تعاطي المخدرات يعد واحدًا من التحديات التي تهدد التماسك المجتمعي، وخصوصًا لدى طلبة المدارس، ويشكل خطرًا كبيرًا على مستقبلهم ودورهم في المجتمع، ولا يقتصر بدوره على الجانب الأمني أو العلاجي فقط، فمن الضروري الاهتمام بالجانب التوعوي منذ وقت مبكر، ومن واجب الآباء توعية أبنائهم وإن كانوا أطفالًا عن مخاطر تعاطي المخدرات، وتنشئتهم على الوقاية بإيضاح ما ينتج منها من مخاطر نفسية وعقلية وعضوية؛ لكي لا يقع بداخلهم حب التجربة.
جذب طاقات الشباب
قالت المشرف على مركز حائل للرعاية والتأهيل، عضو النخبة الدولية للمسؤولية المجتمعية مرام الجزاع، إن حملة خلك قريب تهدف إلى التوعية، والحرص على التصدي لأهم الآفات التي تفتك بالمجتمع وتؤدي بمستقبل أبنائه للضياع، ولامست دور الأسرة الذي يعتبر اللبنة الأساسية لبناء المجتمع.
وأشارت إلى ضرورة احتواء الأبناء في هذه المرحلة، وأوضحت أن لهذه الحملات دورًا فعالًا في تنمية الوعي المجتمعي، والإسهام في جذب طاقات الشباب لتحقيق الرؤية، سائلين المولى أن يبارك جهود القائمين ويسدد خطاهم.
البيئة الأُسرية أساس نجاح الوقاية
أضافت المستشار الإعلامي والمهتم بالتنمية المجتمعية د. فاطمة بنت عبد الباقي البخيت: تكمن أهمية حملات التوعية باستمرارها للتعريف بأخطار المخدرات على الفرد والأسرة، لأن هذا ما تؤكده العديد من الدراسات، ومنها دراسة لكلية الملك فهد الأمنية، أُجريت على عينة من المعلمين بالمرحلة الثانوية والمتوسطة بمنطقة عسير، ودراسة أخرى شملت أعضاء هيئة تدريس جامعات: الملك فيصل، الحدود الشمالية، جازان، تبوك، وكانت للدراستين نتائج مشتركة من أهمها: ضرورة التوعية بأخطار المخدرات.
وتابعت: يضاف إلى ذلك النجاح الذي تحققه حملات التوعية التي تنظمها الأمانة العامة للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، خاصة تلك المتعلقة بدور الأسرة في الوقاية من إدمان المخدرات، لأن البيئة الأُسرية هي أساس نجاح الوقاية، إلى جانب بقية العوامل المساندة.
تكاتف المؤسسات التوعوية وتحصين الشباب
ذكرت المختص في علم الجريمة د. مها صويلح الجهني: المملكة بذلت جهودًا كبيرة للتصدي لآفة المخدرات، التي أصبحت تستهدف شبابنا، فهذه الآفة تدمر عقول الشباب، ونظرًا إلى تنبه قادة هذه البلاد «حفظهم الله» إلى هذه الآفة، بدأت بالعمل على تحصين الشباب من الجنسين، ابتداءً من الفرد والأسرة والمجتمع، حيث وجب التكاتف من خلال المؤسسات التوعوية بتوعية الشباب بمبادئ سليمة، تستقيم على الفطرة، من خلال تقديم البرامج الوقائية في المجتمع.
ثغرات تحتاج إلى معالجة واهتمام
قال الخبير الأمني اللواء متقاعد مسفر الغامدي: «تعي المملكة خطورة ظاهرة المخدرات، ولذلك تبذل الكثير لمحاربتها منذ البداية، ولكن ما زال ضررها قائمًا، ونحن كشعب مسلم نجد الإسلام يقف رادعا، ولكن كثيرًا من الثغرات تحتاج إلى معالجة واهتمام أكثر، وأجهزة مكافحة المخدرات تقوم بجهود كبيرة جدًّا في مكافحتها، وأوجدت الحكومة المصحات اللازمة، ولكن نصف الحل يقع على الأسر، وخاصة الشباب والشابات، ويجب الاهتمام بهم وخاصة عند تغير بعض السلوكيات غير العادية، والمسؤولية مشتركة بين الأسرة والحكومة.