@Fahad_otaish
مع أن مضمون مقال الأسبوع الذي نشر في هذه الصفحة الأسبوع الماضي تحت عنوان «أوهام النجاح» كان واضحا حتى في عنوانه الذي تصدرته كلمة «أوهام» بمعنى أن الحديث لم يكن أبدا عن النجاحات الحقيقية التي يحرزها الأفراد والمنظمات، بل عن زيف الشعور بالنجاح لدى بعض هؤلاء فيما هم في الحقيقة لم يحققوا شيئا يمكن أن يوصف بالنجاح، ومع ذلك فقد يقول البعض إن مثل هذا الكلام قد يثبط العزيمة ويضعف الهمة ويتسبب في تردد البعض في بذل الجهود وطرح الأفكار الإبداعية خوفا من الفشل، كما أن البعض الآخر قد تساوره الشكوك في بعض النجاحات التي يحققها فلا يستطيع الاعتداد بها، بل وحتى الإعلان عنها خوفا من أن تكون محل استهزاء وسخرية، وأن توصف بأنها هي الأوهام التي تحدث عنها المقال. وفي رأيي أن ذلك كله سوء فهم لا يقع فيه من يثق في نفسه وإمكانياته، ويعرف حقيقة ما يقوم به وما يحرزه من النجاحات، بل يدرك أن ما يحققه هو الثابت والمؤكد، أما الأوهام فهو الشك في قدرته وعزيمته وسوء تقييم نواتج عمله وجهوده وهذا النوع من الناس هو ما يمكن المراهنة عليهم لتحقيق النجاحات، وينطبق نفس القول على المؤسسات والمنظمات التي تحظى بقيادات واثقة من عملها تستطيع تحفيز العاملين على الإبداع والابتكار والإنجاز وتكافئهم على ذلك، وتذكي التنافس بين العاملين في الأداء خاصة عندما يكون تقدير هؤلاء عن استحقاق ووفق معايير محددة يتم اختيارهم بموجبها وليس وفق أهواء ومجاملات تكرم من لا يستحق وتقصي من هو أحق وهو للأسف الشديد يحصل في كثير من الأحيان، بل ويصبح واحدا من أسباب الفشل بينما نجد دائما أن المنظمات التي تقدم من يستحقون التكريم والإشادة بموضوعية هي الأكثر نجاحا كما أن العاملين فيها هم الأكثر إنتاجا لأن النجاح يدفع إلى ما بعده من النجاحات، أما الغرور والاعتقاد بالكمال فهو فيروس يصيب جسم المنظمة كما تصيب جسم الإنسان الميكروبات فتضعف وتضعف حتى تظهر فشلها وتتلاشى.. خلاصة القول أن أوهام الفشل والخوف منه والتردد في العطاء خوفا منه ليست أقل خطرا من أوهام النجاح، بل ربما تكون أكثر خطرا منها لأنها تحرم المنظمة من إمكانيات وقدرات الأكفياء، بل من نجاحات وإنجازات لم يظهرها أصحابها ولم يبادروا إليها لا لشيء إلا بسبب أوهام الفشل.. ولذلك فإن أوهام الفشل وأوهام النجاح كليهما هي أخطار يجب علينا الحرص على عدم الوقوع بها، وهذا يحتاج إلى ثقة بالنفس لا تكون مبنية على الإعجاب والغرور بل على ما يمتلكه الأفراد والمؤسسات من الإمكانيات والقدرات الحقيقية وما يحرزونه من إنجازات.