لعل كثرة سماعنا لمفهوم العمل الروتيني خلقت لنا بيئة عمل مملة حتى لو كانت بخلاف ذلك، ولطالما شعرت أن عملي مختلف ولا أعمل على وتيرة ثابتة ولكن لكثرة سماعي لمن حولي باستيائهم من العمل خلق في ذهني تساؤلا.. متى سأشعر بأني اكتفيت؟ ومتى سأرغب بتغيير بيئة العمل؟ وهذه المرحلة خلقت فيني استكشافا لمفهوم أعمق وهو أن تجعل عملك شغفك لأن الشغف هو المحرك الأساسي الذي سيجعلك مليئا بالطاقة الإيجابية ويكون المحفز ليخلق لك صورة مختلفة عن نفسك.
أؤمن بأن الشغف مُعد، وسيشعر الناس بك إذا كنت شغوفًا، فعندما تؤمن بأمر ما ستتمكن من تحقيقه، وسيكون لك أثر على الآخرين، وستكون ملهما لهم في تمكينهم ودعمهم وستكون أكثر نجاحًا. ريتشارد برانسون أحد رواد الأعمال، يعطي الكثير من الفضل لشغفه في تحقيق النجاح والوصول إلى طموحه، في مقال له نشر في الديلي مونيتور يقول فيه: “عندما تؤمن بشيء ما، فإن قوة قناعاتك ستثير اهتمام الآخرين وتحفزهم على مساعدتك في تحقيق أهدافك “.
كيف من الممكن أن يسري الشغف في دواخلنا وكيف ينعكس بدوره على عملنا، هذا التساؤل يجعلنا نوضح أهمية تعزيز دور الشغف ليكون المحرك الأساسي في العمل لأن الوظيفة لم تعد موجودة فقط لتوفر احتياجات أساسية إنما تؤدي دورا أعمق وهدفا أعلى في حياتنا المهنية وهو أن ترى نفسك الشخص الذي تريد أن تصبح عليه في المستقبل. فالشغف يزرع بداخلك حصولك على نسخة أفضل ويمكنك من منافسة نفسك ولا يجعلك في مقارنة مع الآخرين.
يكمن ذكاؤنا بالنسبة لنا في ربط الكيفية التي يساعدنا بها عملنا في جعل هذا الهدف والرؤية حقيقة بروح سعيدة، فأرى أنه من الظلم التفكير في قضاء ما يقارب 20 سنة في شيء لا نتمتع به، أو على الأقل لا نشعر ببعض الشغف تجاهه؟ خصوصا إذا كنت تقدم خدمة تقضي بها حوائج الناس.
إحدى مؤسسات التحليلات والاستشارات الأمريكية المعنية باستطلاعات الرأي العام المعروفة «غالوب» (GALLUP) أجرت دراسة عالمية بين عامي 2009-2012 شملت 180 مليون موظف من 142 دولة لمعرفة نسبة الموظفين الذين يحبون عملهم، وكانت النتيجة أن 13 % فقط من الموظفين يحبون عملهم ويسهمون في تطوره، في حين أن 63 % من الموظفين معتادون على العمل، لكن لا يسهمون في تطوره، و24 % من الموظفين لا يحبون عملهم ويسهمون في فشله.
ولعل أبرز النصائح في الوصول إلى الشغف المهني الذي يمكنك من تحقيق أهدافك وخلق بيئة سعيدة يكمن في عدد من النقاط سأذكر بعضها:
• أول بوابة الحصول على الشغف يكمن في فهم نفسك وقدراتك، وتوضيح نقاط القوة والضعف.
• تقبل نفسك وتصالح مع ذاتك وعزز الخصال الإيجابية وعدل السلبيات من شخصيتك ولا تكن في دائرة لوم وجلد الذات.
• اجعل لنفسك قائمة من الرغبات والخيارات ولا تتقيد بخيار واحد وكون لنفسك خيارات بديلة.
• اجعل لك أرضا خصبة في الحياة العلمية والعملية لتخضع رغباتك وتجاربك على أرض الواقع ويكون لديك القدرة لتعرف ما يتناسب مع شخصيتك وما يتعارض معها بكل وضوح.
• تقبل الرفض وتحل بالمرونة لأنها ستضمن لك الاستمرارية.
• كن دائما ممتنا ودون قائمة بالأشياء التي تجعلك سعيدا أثناء عملك.
لتشعر بالإنجاز في عملك تحتاج إلى شغف، ولتتمكن من الوصول إليه قد تحتاج إلى إجراء تعديلات كبيرة تؤثر على مسارك الوظيفي لكن هو ذاك الثمن الذي ينبغي أن تدفعه لتكسب نفسِك قيمة الحياة التي تستحقّها.
@OTebtisamalz