حرص القائمون على مهرجان «واحة الأحساء»، الذي تنظمه هيئة التراث، وأمانة محافظة الأحساء، في عدد من المواقع، تزامنًا مع كأس العالم في قطر، على إبراز المواقع الأثرية، ومنها قصر محيرس بمدينة المبرز، والذي يشهد إقامة العديد من الفعاليات والأركان، منها سوق الحرفيين، وركن القهوة السعودية.
وشهد المهرجان عرض أزياء كرة القدم «أطقم المنتخب السعودي»، وعروض المسرح الموسيقي، وعرض ثلاثي الأبعاد، بالإضافة إلى شاشة البث المباشر لمباريات المونديال.
موروث أصيل
تفاعل عدد من الزوار مع مشاركة الحرفيين في قصر محيرس الأثري، الذين يسعون إلى مواصلة الحِرف، والمحافظة عليها؛ كونها تمثل دورًا هامًا للتعريف بهذا الموروث الهام والأصيل، والمحافظة عليه، من خلال العمل على إبرازه، والمشاركة الفعَّالة في العديد من المحافل والبرامج والمهرجانات التي تمثل عنصر جذب للزوار.
25 حرفيًا وحرفية يشاركون في الفعاليات
ذكر مشرف الحِرف في قصر محيرس حمد الزيد أن هناك 25 حرفيًا وحرفية يشاركون في الفعاليات، لإبراز حرفهم باستخدام الأدوات الخاصة بكل حِرفة، ومنها الإمداد، والخوصيات، والملييف، والحدادة، والنحت على الخشب، والقفاص، والعمل على الرحى، وصناعة البشوت، وصناعة الكر، وصياغة الذهب والفضة، والجبسيات والنحاسيات، والمسابيح، والخواتم، والخناجر، والحرق على الخشب، وتطريز الثوب، والحناء، والطبول وغيرها من الحِرَف التي تجد إقبالًا من الزوار.
قصر محيرس قيمة تاريخية
من جهته، قال الكاتب والمؤرخ عبدالله حمد المطلق لـ(اليوم): إن قصر محيرس يُعد ذا قيمة تاريخية وحضارية هامة، ويُعتبر من أهم القصور الأثرية التي تقع في حي الراشدية داخل مدينة المبرز، وإنه من أهم المباني التي تبرهن على وجود فنون العمارة العريقة بالأحساء.
وأشار إلى بناء هذا القصر على يد الإمام سعود بن عبدالعزيز عام 1208هـ، وعمل كقلعة حربية صغيرة مكونة من مجموعة من الأبراج.
ولفت إلى تأكيد العديد من الباحثين والخبراء في علم الآثار، أن القصر له مكانة استراتيجية هامة منذ القِدَم، وأن محافظة الأحساء تتميز بمبانيها الأثرية والتاريخية العريقة، وأن قصر محيرس أهمها وأشهرها، وأكثرها عراقة، موضحًا أنه محاط بالمباني الجديدة داخل حي الأندلس المعروف بـ«الخرس».
مكان الحراسة والمراقبة
وتابع عبدالله حمد المطلق: محيرس تصغير محرس، التي تعني مكان الحراسة والمراقبة، وبني القصر فوق تل صخري طبيعي مرتفع، ويشرف مباشرة على الطريق التجاري القديم، المعروف بـ«درب الجودي»، المتجه شمال محافظة الأحساء.
وبين أن القصر مكوّن من دورين، ومبني بالحجارة والطين، وللقصر سور خارجي مدعم ببرج وحيد أسطواني الشكل، يقع في الركن الجنوبي الشرقي منه، بينما يتقدم فناء القصر ثلاث حجرات طويلة، يعلوها في الدور الثاني غرفتان علويتان في الركن الجنوبي.
شاشات عملاقة لجذب الزوار
سجل زوار الموقع إعجابهم الكبير بما حظي به التصميم لموقع الفعاليات، والتنوع الكبير فيه، وما شهده من وضع شاشة عملاقة وكبيرة؛ لجذب الزوار والسياح لمشاهدة مباريات كأس العالم، وسط أجواء مونديالية عالمية.
حفظ الإرث بحرفة الإمداد
«صالح الحميد» البالغ من العمر 74 عامًا، أحد الحرفيين القدامى الذي عُرف بحرفة «الإمداد»، يروي قصة هذه الحرفة، التي لا تزال شامخة، بقوله: هذه الحرفة تهتم بصناعة الإمداد المُعد من الأسل، وهو نبات موجود بكثرة في بحيرة الأصفر، وكذلك في أم عكرة، مشيرًا إلى العمل على جلبها، واختيار الأنسب منها، ومن ثم تجهيزها للعمل.
وأكد ضرورة الحفاظ على هذا الإرث الهام، وتعريف العالم به، خاصةً من السياح الذين يأتون من مختلف دول العالم، هذه الأيام، تزامنًا مع كأس العالم 2022، المقام في دولة قطر الشقيقة، بقوله: «لا نزال نحافظ على هذه الأعمال اليدوية، التي عاشها آباؤنا وأجدادنا، وورثناها منهم».
الجمهور يتفاعل مع أطقم المنتخب السعودي لكرة القدم
وتفاعل زوار فعاليات قصر محيرس، مع المعرض الخاص بأطقم المنتخب السعودي لكرة القدم، من خلال التواجد والتعرف على التصاميم والتشكيلات للأطقم، والتعرف على مشاركات الأخضر السعودي في بطولات كأس العالم، والأعوام والأطقم الخاصة بكل مشاركة، والتي اعتبروها من الذكريات الجميلة التي مرت على الكرة السعودية.
وشهد المعرض عرض أطقم المشاركة الأولى للمنتخب السعودي في كأس العالم عام 1994م، الذي أقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، وعرض طقم مشاركة المنتخب في بطولة 1998م، التي أقيمت في فرنسا، ثم المشاركة الثالثة في كاس العالم عام 2002م، الذي أقيم ما بين كوريا الجنوبية واليابان.
كما تم عرض أطقم المشاركة الرابعة بكأس العالم عام 2006م الذي أقيم في ألمانيا، إضافةً إلى كأس العالم عام 2018م، الذي أقيم في روسيا، والطقم الحالي للمنتخب المشارك في كأس العالم 2022م.
17 منظمًا من الشباب والشابات
ويشارك في أعمال التنظيم أكثر من 17 منظمًا، بين الشباب والشابات، تحت قيادة المشرفة رسمية النمير، التي أوضحت أن الموقع يتواجد به المنظمون بعد تدريبهم على الأعمال المختلفة؛ لمساعدة الزوار في هذه الفعالية، من خلال عملية التنظيم والتوجيه والإرشاد.
ويشهد موقع الفعاليات تواجد حراس الأمن «العسس»، الذين يرتدون الزي الموحد والشماغ، الأمر الذي يمثل إحياءً للتراث.
