لا ريب في أن فوز المنتخب السعودي على المنتخب الأرجنتيني في بطولة كأس العالم الحالية (2022م)، والمقامة في دولة قطر الشقيقة، ترك صدى ضخمًا ليس فقط في العالم العربي، بل إن صحفًا كثيرة من دول غربية تحدثت عن هذا الانتصار والإنجاز. ومن المؤكد أن هذا يعكس الصورة المشرِّفة التي تقدمها المملكة العربية السعودية في مجال الرياضة، خصوصًا كرة القدم.
وعندما نرى أي إنجاز كبير فلابد أن وراءه جهدًا عظيمًا على كافة المستويات من الإدارة والجهازَين الفني والطبي والفريق ككل. واللاعبون هم الذين يعكسون كل ذلك على أرض الملعب من خلال النتائج.
هذا الحدث سيُعتبر حدثًا تاريخيًّا، وسيظل في الذاكرة طويلًا، وربما يُدرس لمعرفة الأسباب والتعلم منه في صياغة وتطوير الرياضة بشكل عام، حيث أصبحت هي إحدى الواجهات المهمة للتعريف بأي بلد. فقد عرف البرازيل الكثير من الناس بسبب كرة القدم!
إن لعبة كرة القدم ليست فقط رياضة! بل هي اليوم تُعتبر من (القوى الناعمة)، وأصبح لها تأثير اقتصادي كبير ومؤثر، حيث إن مداخيل بعض الدول منها يصل إلى مئات الملايين من الدولارات، من خلال اللاعبين المحترفين الذين يلعبون في الدوريات العالمية المشهورة.
ولنتمعَّن أيضًا في الصورة الإعلامية التي تنقل أي بلد من المحلية إلى العالمية بسبب هذه اللعبة الشعبية الطاغية على مستوى العالم.
وهذه النتائج المشرِّفة وراءها دعم من القيادة الرشيدة التي تحرص على أن تقدّم المملكة أفضل صورة لها للعالم في عدة مجالات، ليست فقط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بل حتى الرياضية؛ لأنها جزء من منظومة متكاملة. والتقدم في سلّم الحضارة وإلى مصاف الدول المتقدمة لا يتجزأ بمعنى لا نستطيع أن نقول إننا سوف نتقدم اقتصاديًّا أو علميًّا وتقنيًّا فقط، بل التقدم والتطور يشمل جميع جوانب الحياة؛ لأنها منظومة متكاملة تسير جنبًا إلى جنب.
نهائيات كأس العالم أصبحت حديث العالم ككل، وظهور المنتخب بشكل مُذهل ومشرِّف يعكس انطباعًا إيجابيًّا ورائعًا للمملكة، ويُلجم الكثير من الأفواه الإعلامية الخارجية التي كانت تشكّك في التطور الذي تشهده السعودية في أصعدة ومجالات متعددة. وبالإضافة لهذا الانتصار سيجذب أعين العالم للتعرف على المملكة وثقافتها وعاداتها وتقاليدها.
الرياضة، خصوصًا كرة القدم يُتابعها الصغير والكبير، المثقف والأكاديمي، السياسي والاقتصادي، هي دعاية وثقافة تصل إلى كافة أطياف المجتمعات العربية والغربية. بل حتى أولئك الذين لم يسمعوا عن المملكة العربية السعودية سوف يدفعهم هذا الزخَم الإعلامي للتعرف على هذا البلد أكثر، ومعرفة كيف صنعوا هذا الإنجاز الكروي؛ إذ لابد أن هناك جهودًا كبيرة مبذولة من أجل الوصول إلى هذا المستوى الراقي والمشوّق. وكلنا أمل أن تكتمل المسيرة بتقديم عروض ممتعة وأفضل؛ لتعكس صورة ثابتة لجهد مستمر، وليس وليد لحظة أو صدفة.
ومن اللافت للنظر، والذي يثير الإعجاب، هو ذلك التشجيع للمنتخب السعودي من كل الدول العربية بلا استثناء، وقد شاهدنا تلكم الفرحة العارمة التي عاشها كل بلد عربي. فقد استطاعت الرياضة أن تجمعنا وتوحِّدنا كأننا بلد واحد، وأشقاء من الخليج إلى المحيط، فيا ليت ذلك يدوم طويلًا!
وأقترح بعد انتهاء البطولة، وتقديم صورة مشرِّفة والوصول إلى مراحل متقدمة في هذه البطولة العالمية أن يكون هناك فيلم وثائقي يبيِّن العمل الرائع الذي قام به الطاقم الإداري والفني والطبي وغيرهم حتى تتضح الصورة كاملة، وأن كل عمل وإنجاز يوجد وراءه جهد وخطط وأهداف وإستراتيجية طويلة المدى في بناء فريق قوي ومتكامل، يحافظ على مستواه ومكتسباته.
كل التوفيق لمنتخبنا، ونأمل مواصلة هذه المسيرة بعزم وإصرار لتحقيق الأفضل، والمحافظة على هذه المستويات المشرِّفة والأخَّاذة. فالعالم اليوم ينظر إلينا بترقب وتفاؤل ويُطالب بالمزيد.
abdullaghannam@