يعتبر العمل التطوعي من أهم محاور رؤية المملكة، وقد تم تخصيص مجموعة من الأهداف في رؤية المملكة، من أجل تطوير العمل التطوعي بشكل أكبر، منها على سبيل المثال، الوصول إلى مليون متطوع ومتطوعة في القطاع غير الربحي سنوياً خلال سنوات الرؤية، ووفقاً للمبادرات التي تم إطلاقها منذ بداية الرؤية أرى أننا أبدعنا في هذا الجانب، بتكاتف جميع أفراد المجتمع.
أيام قليلة تفصلنا عن انطلاق النسخة الثانية من مبادرة «تطوع بخبرتك»، والتي انطلقت أولى نسخها العام الماضي، بمشاركة قيادات من المجتمع، وحققت تلك المبادرة، التي أعلن عنها معالي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، أثرا إيجابيا كبيرا في تشجيع العمل التطوعي، تماشياً مع مستهدفات رؤية المملكة.
المبادرة تستهدف تقديم حلول تخصصية ترشد أبناء وبنات الوطن للمستقبل، وتشمل مختلف فئات المجتمع كرواد ورائدات الأعمال والمنظمات غير الربحية والأسر المنتجة، بالإضافة للطلاب، ولها انعكاس كبير على تعزيز العديد من القيّم داخل المجتمع السعودي، مما ينعكس بشكل مباشر على تكوين روابط أقوى بين أفراده، ومن أهم تلك القيم هي النظرة لجميع أفراد المجتمع بأنهم أصول ومكاسب بقيمة عالية، بمعنى أوضح سنرى المفهوم الحقيقي لمعنى الثروة البشرية والتي تعتبر أهم ثروة في المملكة.
أي وقت يقضيه أفراد المجتمع في العمل التطوعي سيكون أثره على المجتمع أضعاف المستهدف منه، وهناك شعوب أدركت مدى وأهمية الوقت والعمل التطوعي في تعزيز شعور الانتماء والتكاتف المجتمعي، وفي مقال سابق كتبت عن الأثر الإيجابي لمثل تلك المبادرات المجتمعية، وتطرقت بشكل أوسع عن هذه المبادرة الرائعة، والتي أتمنى أن يتم تطويرها وتطبيقها في جميع مناطق المملكة الإدارية، حتى نصل لاستدامة لها، ويشارك ويستفيد منها أفراد المجتمع بشكل أوسع في مختلف مناطق المملكة.
ما زلت أرى أننا في حاجة لإنشاء «بنك الوقت»، أو ما يُعرف بـ «البنك الزمني» في المملكة، ويعتبر هذا البنك كأداة لتنمية المجتمع، وكمنظم يسهل تبادل الخبرات والخدمات المجتمعية داخل المجتمع وبين أفراده، وبالإمكان استخدام التقنية الحديثة «التحول التقني» التي نجحنا في تطبيقها في الكثير من المبادرات والمشاريع لتسريع إنشاء مثل هذا المشروع، وما أتمناه من خلال تلك المبادرة هو تفعيل ربطها كمتطلب إلزامي لجميع الطلاب والطالبات في المؤسسات التعليمية، وذلك من خلال تحديد حد أدنى لأرصدة الساعات التطوعية أثناء الفترة الدراسية، وأنا على يقين بتحقيق مؤشرات مُبهرة ومشجعة لجميع أفراد المجتمع خلال مدة قصيرة.
كوجهة نظر شخصية، مفهوم العطاء والتلقي هو الأساس لرفع مستويات الثقة بين أفراد المجتمع، واستمرار وانتشار مثل تلك المبادرة في مجتمعنا سيكون له أثر كبير في تحسين جودة الحياة، ورفع مستويات التراكم المعرفي والمهاري لجميع أفراد المجتمع، وكأقل واجب نقوم به هو دعم هذه المبادرة المهمة، حتى يصل صداها لأوسع نطاق.
ختاما.. ما أجمل أن نرى أصحاب المعالي وكبار المسؤولين كأول من يدعم ويشارك في هذه المبادرة، وهذا الأمر غير مستغرب على قيادات المجتمع الذي تربى على حب الخير والعطاء والسخاء.