لست من عشاق كرة القدم، ولا أفهمها، بل هي كما تعلمنا ونحن صغار أنها (حقة الأولاد)، بمعنى أنها من الرياضات التي تثير اهتمام الرجال فقط وتؤنسهم!، بل لم تكن تعبر عن الأوطان وإلا فما علاقتنا بفريق برشلونة أو ريال مدريد!! لكن هذه القاعدة كسرها فوز المنتخب السعودي مؤخرا، فالمشهد الذي عايشته عن قرب أكد لي نظرية جديدة، فعند عودتي ظهيرة يوم الفوز كان جميع أفراد العائلة وبعض الأقارب حاضرين، وعلى غير المعتاد لم يوقع أحد منهم تحت الخط الأحمر! الجميع من يهتم بكرة القدم ومن لا يهتم! في غرفة واحدة، تم تهيئتها خصيصا لمتابعة المباراة متابعة تفاعلية جماعية! ولأول مرة أيضا بدون جوالات أو ملهيات! الجميع في تركيز تام واهتمام بالغ!
فالأمنية والدعوات واحدة، وهو فوز المنتخب وحسب! والحقيقة عند عودتي أيضا كنت أسمع صراخا ينبعث من بيوتات الحي، صراخا حماسيا لم يكن معهودا، فلسنا وحدنا المستنفرون، بل الجميع مهتم ومتابع بشغف ومساند للوطن، فهذه الجلدة التي تتقاذفها الأرجل تحمل أهدافا أعمق من شكلها المستدير! فهي لم تجمع شتات الأسر وتخرجهم من دائرة الوحدة والانغلاق الاختياري! بل وحدت العالم بأسرة فكل الوطن العربي، وكما تابعنا عبر المقاطع التي تصلنا، هتف باسم السعودية، وفرح بهذا الفوز واستبشر به، فالعالم العربي سئم من الشتات والحروب والخلافات، بل إن الفرحة العارمة التي ارتسمت على وجوه المواطنين العرب مع أول هدف كفيل بأن يجعل كل سعودي يفخر بوطنه ودولته، التي تحمل هذا الكم من المحبة والفخر والعز، فهي محط أنظار العالم، والأمل بعد الله في عودته، وانتصارها على الوحش الكروي الأسطوري إنجاز غير عادي، فهذا الوحش لم يعتد الخسارة طوال سنواته!
أما العالم بدوله الغربية والصديقة وغير الصديقة فسيرى علم السعودية، وسيعرفها جيدا في هذا المحفل الرياضي الكبير الذي تستضيفه قطر بكل اقتدار، فهذا الحدث فرصة سانحة لا تتكرر.
وقفة:
الكثير من المشاهد التي نقلتها لنا وسائل الاتصال للجماهير على المدرجات وخارجها، يعبر عن التأثر الواضح بالدولة المستضيفة في اللباس، بل بدأ البعض ترديد بعض المصطلحات العربية، والتي بدت شاقة على ألسنتهم الأعجمية، وهذا بحد ذاته مكسب! والغالب دائما يتبع المغلوب ونحن في هذا الحدث غالبون!
لكن البعض وجدها فرصة لإظهار ثقافة الاستعلاء والغلبة المزعومة! فبالرغم مما بذلته دولة قطر من جهود، إلا أن البعض تناسى أنها دولة لها كيانها ودينها وقيمها وعاداتها وأخلاقها، أما الإيماءات والإشارات التي تعمدوها والتي تركز في أغلبها على تكميم الحريات والأفواه كما يزعمون، فهي لا تعبر إلا عن عدم احترام وقلة ذوق، فليس من الطبيعي أن تفرض الفرق بل الفيفا (على جلالة قدره!) أنظمة وسقطات الغرب على دولنا، فإذا كنا لا نقبل الشذوذ والشواذ وكل ما يرمز لهم فمن أبسط حقوقنا أن نمنع ما لا يناسبنا كدول مستقلة (غير مستعمرة)! وعلى كل ضيف أن يستحضر مقولتنا الشهيرة (يا غريب كن أديب).
وإذا كانت الحرية في نظرهم شدوذا يلغي الرجولة والمرجلة، ويحول الرجال إلى نساء، ويهدم كيان الأسر التي يعرفها ويدركها كل عاقل (رجل وامرأة) ويزاوج بين الأشباه والأمثال! فلا بارك الله فيها من حرية!
وأنتم أيها الإنسانيون! الطيبون! أصحاب الماضي المشرق! والحاضر المشرف!
مرحبا بكم مليون وعلى العين والراس لكن (تأدبوووا)!
والسلام،،