@maiashaq
مَن منّا يتأمل كل موقف أو حدث يحدث له يوميًّا؟
وهل فكَّرت يومًا في أن كل شيء يحدث معك له دلالة أو رسالة ما عليك قراءتها، والاستفادة منها، أم أن كل شيء يحدث في هذه الحياة هو محض صدفة وحسب؟
أعتقد، ومن تجربتي الشخصية، أن الإيمان بأن لكل شيء رسالة هو حالة مرضيّة لا أساس لها سوى الغرق في الوهم، بينما الواقع أن الإنسان السويّ يستطيع قراءة المشهد حينما يستدعي الأمر تدخّله، وحضور ذهنه، ففي يومياتنا تحدث الكثير من القصص والمواقف والحوارات العابرة، وليس من المنطق أن يكون لأي موقف أو حوار دلالة، فثمة أشياء تحدث كتفاهة لا أكثر، وثمة ما يحدث لأهداف معيّنة مقصودة، وثمة ما يحدث لإضاعة الوقت والتسلية، وثمة ما يحدث لأنه يجب أن يحدث، لكنه، وفي خضمّ كل هذا، تحدث أشياء، وتُقال عبارات أمامك، كنت أنت بحاجة ماسَّة لرؤيتها بوضوح أو لسماعها، ومن هنا يتجلّى دورك العقلي في تحليل وربط الأمور، وفهم معطياتها لاتخاذ القرارات المناسبة.
وقد يقلل البعض من شأن قراءة الأحداث الجارية وتحليلها وفهم رسالتها، ويرفضونها على اعتبار أن الإنسان غير مُلزَم بهذه المهارات، بحكم أنه مُسيَّر في حياته وليس مُخيَّرًا، وهذا مما لا شك فيه قطعًا، بينما يدرك الإنسان العاقل أن مشيئة الله لا تتعارض مع العمل بالأسباب، والبحث عن التطور من خلال السعي، وتحليل المواقف، والتعلم من الحياة، كما أن الإيمان بالله يحتم إعمال العقل والتدبر في كل الأمور.
إن مهارة تحليل المواقف، وربطها ببعضها، وفهم رسائلها، دون مبالغة في ذلك، أداة مهمة من أدوات النجاح في الحياة على جميع المستويات الاجتماعية والعملية وغيرها، لكن الإفراط فيها سيُفضي إلى دخول الإنسان في دوائر لا منتهية من الأوهام، وسوء الظن والوسواس، التي لن ترحمه أبدًا، لذلك كان عليه التيقظ بتوكّل تام على الله؛ ليظفر دومًا بما يريد.