يعتقد باحثون في بريطانيا أنه بمقدورهم في غضون 10 سنوات إطالة أعمار مرضى الحالات المتقدمة من السرطان بواقع الضعف.
ويقول خبراء من معهد أبحاث السرطان في لندن وصندوق مؤسسة مارسدين الملكية البريطانية إن الدراسة سوف تؤدي إلى شفاء المزيد من المرضى وإطالة أعمار آخرين بشكل كبير.
ويكتسب علماء السرطان بشكل متزايد قدرًا كبيرًا من المعرفة بشأن ما يصفونه باسم "النظام البيئي لمرض السرطان".
ويقصد بالمصطلح النظام المتشابك الذي يسمح لخلايا السرطان بأن تعيش وتزدهر، ويتكون من الخلايا السرطانية والنظام المناعي للجسم والجزيئات والخلايا والهياكل التي تحيط بالأورام الخبيثة وتساعدها على النمو، بحسب وكالة الأنباء البريطانية "بي. إيه ميديا".
تدمير الخلايا السرطانية
يرى الخبراء من معهد أبحاث السرطان ومؤسسة مارسدن الملكية أنه بوسعهم عن طريق استخدام وسائل عديدة للهجوم أن يقطعوا أشواطًا طويلة في مجالات مثل تدمير الخلايا السرطانية وتعزيز قدرة الجسم على محاربة السرطان، والتصدي لوسائل تطويع الخلايا السليمة للمساعدة في بقاء السرطان في الجسم.
مواقد الغاز تسبب الربو لدى الأطفال.. السرطان للبالغين https://t.co/vuwvwiB7E7 pic.twitter.com/bBQcQ6A7qP— صحيفة اليوم (@alyaum) September 28, 2022
ومن بين التطورات العلمية، يأمل الفريق البحثي في تقويض قدرة الخلايا السرطانية على توجيه الخلايا الأخرى السليمة في الجسم لمساعدة الأورام.
فعلى سبيل المثال، ترسل الخلايا السرطانية إشارات لتوجيه "الخلايا التي يجري تسخيرها" في أماكن مثل النخاع العظمي من أجل بناء "أعشاش" في أجزاء أخرى بجسم المريض لتكون مثل ملاذات للسرطان. وبالتالي، فإن تعطيل هذه المنظومات يمكن أن يساعد في منع انتشار المرض.
وتتضمن مجالات التطوير أيضًا المزج بين العلاجات القائمة من أجل تحسين فعالياتها، واستخدام سبل العلاج المناعي من أجل تنشيط الجهاز المناعي بجسم الإنسان لمقاومة السرطان.
زيادة وظائف الخلايا المناعية
يقول كيفين هارينجتون المتخصص في مجال العلاجات الحيوية للسرطان والاستشاري في مؤسسة رويال ماردسون خلال مؤتمر صحفي: "ندرك أن الورم السرطاني هو أكثر من مجرد كرة من الخلايا السرطانية".
وذكر أن الخبراء الآن يبحثون بالفعل كيفية توظيف الأدوية التي لا تقتل السرطان بشكل مباشر، لكنها "تخاطب الجهاز المناعي وتزيد من وظائف الخلايا المناعية من أجل مهاجمة السرطان مع تقويض وظائف الخلايا التي تدافع عن الأورام السرطانية بشكل طبيعي".
وأشار إلى أن الأبحاث "ترجح كفة الميزان في النظام البيئي السرطاني نحو خلق بيئة مواتية بشكل أكبر من أجل تعزيز جهود مكافحة السرطان التي تبذلها الوسائل العلاجية المعمول بها حاليًا، وتخدم الأدوية الجديدة التي نعكف على تطويرها".
وأوضح هارينجتون، في تصريحاته التي أوردتها وكالة الأنباء البريطانية "بي. إيه ميديا" أن أحد مسارات الأبحاث الجديدة هو استخدام فيروسات معالجة وراثيًا من أجل "استهداف الخلايا السرطانية، والتواصل مع البيئة الحيوية المصغرة التي يعيش فيها السرطان من أجل استثارة إشارة لها حتى ترفض السرطان وتقتل الخلايا السرطانية".
المشروبات السكرية قد تزيد خطر الوفاة بـ #السرطان .. 20 نوعا https://t.co/cX0oNBfkoJ pic.twitter.com/VyVw7wzq7L— صحيفة اليوم (@alyaum) September 28, 2022
خطوط جديدة لمهاجمة السرطان
تقول أوليفيا روسانيس مديرة قسم تطوير أدوية السرطان في معهد أبحاث السرطان إن "الأدوية الأحدث والمخصصة للحالات الفردية تساعد مرضى السرطان على العيش لفترات أطول، ولكن مازال من الصعب علاج بعض أنواع السرطان، كما أنه بمجرد انتشار الورم السرطاني، فإنه يصبح في كثير من الأحيان غير قابل للعلاج".
وأضافت "إننا نعتزم فتح خطوط جديدة تمامًا لمهاجمة السرطان، بحيث يمكننا تحجيم قدراته على التطور واكتساب مناعة ضد العلاجات المستخدمة".
واستطردت: "نريد اكتشاف أهداف أفضل داخل الأورام والبيئة السرطانية الأوسع حتى يتسنى لنا مهاجمتها بالأدوية".
وأوضحت: "أننا نكتشف حاليًا وسائل جديدة للقضاء على البروتينات السرطانية بشكل كامل، ونتوصل إلى تركيبات أكثر ذكاء للعلاج يمكنها مهاجمة السرطان على أكثر من جبهة".
وقالت إن "هذه المسارات يمكنها سويا توفير أدوية لعلاج السرطان أكثر ذكاء، وتتيح للمرضى حياة أطول وأعراض جانبية أقل".
القضاء على بعض أنواع السرطان
فيما يتعلق بإطلاق استراتيجية بحثية مشتركة تستمر على مدار 5 أعوام، يقول البروفيسير كريستيان هيلين المدير التنفيذي لمعهد أبحاث السرطان: "لقد وضعنا خطة مثيرة بالفعل للكشف عن الأنظمة البيئية للسرطان وعرقلة عملها من خلال العديد من الأدوية المناعية، وابتكار علاجات أخرى تستهدف بيئة الأنسجة وتركيبات جديدة ذكية لمنع تطور المرض فضلًا عن وضع استراتيجيات للجرعات الدوائية".
وأضاف أن "الأبحاث كانت المحرك للتوصل إلى تحسينات رائعة في وسائل العلاج في العقود الأخيرة، لكننا نعتقد أنه يمكننا تحقيق المزيد والقضاء على بعض أنواع السرطان عن طريق استهداف الأنظمة البيئية اللازمة لنمو الأورام، أو تحريك كفة الميزان لصالح النظام المناعي للجسم".
ويأمل الخبراء في تطويع الذكاء الاصطناعي من أجل ابتكار وسائل جديدة لخلط الأدوية أو تعديل جرعاتها بشكل ذكي من أجل وقف نمو الأورام السرطانية أو الحد منه، كما يطمحون إلى الكشف عن الطريقة التي تتعاون بها الخلايا المختلفة داخل الورم السرطاني، من أجل التوصل إلى أهداف جديدة للعلاج.
ثورة في علاج المرض الخبيث
يقول البروفيسير هارينجتون إن "العلاج المناعي بدأ يحدث ثورة في سبل علاج بعض مرضى السرطان، بل أننا بدأنا نجد علاجات لأشخاص وصلوا لمراحل متطورة من المرض، وكان المحتم حتى وقت قريب أن يقضوا نحبهم تأثرًا بالمرض الخبيث.
وأضاف: "نعتقد أن هناك فرص هائلة من أجل استخدام مزيد من العلاج المناعي والوسائل العلاجية الأخرى مثل العلاج الاشعاعي لعرقلة النظام البيئي للسرطان".
واختتم حديثه قائلا: "نحن نهدف إلى ترجيح كفة الميزان لصالح النظام المناعي، وجعل بيئة الجسم غير مواتية للخلايا السرطانية، مع توجيهها للعمل في خدمة عناصر النظام المناعي التي يمكنها مهاجمة السرطان".