أكد الخبير في الفنون الأدائية والباحث في الدراسات الثقافية د. سمير الضامر؛ أن تدوين الفنون الموسيقية والأدائية عبر برنامج "طروق السعودية" الذي تنظمه هيئة المسرح والفنون الأدائية وهيئة الموسيقى، يُسهم في استمرار الموروث، وينقله للأجيال الناشئة، ويحميه من الزوال، ويبقي حضوره متقدا.
وشدد خلال اللقاء الصحفي على أهمية المبادرات الوطنية التي ترعى الموروث والفنون؛ لكونها تعتمد على منهجيات تفتقدها الجهود الفردية.
-حدثنا عن أهمية المبادرات والبرامج الثقافية في حماية الموروث الأدائي والموسيقي؟
تتمتع البرامج الوطنية والمشاريع الثقافية بدور لافت في تعزيز التراث -بشكل عام- والفنون الأدائية والموسيقية -بشكل خاص-، ومع تقدير كل الجهود الفردية للباحثين والموثقين خلال العقود السابقة، وفرادة منجزاتهم ونتاجهم؛ إلا أن كيان المشروع والمبادرة الوطنية سيقدم مخرجات أكثر فاعلية وجودة.
وبما أن برنامج "طروق السعودية" من هذه المبادرات الرائعة التي نفتخر بها، فلا شك أنه سيكون علامة فارقة في التوثيق العلمي والمعرفي للفنون في المملكة، وسيؤسس منهجية للأرشفة تتوافق مع أفضل الممارسات الثقافية المعمول بها في العالم، وسيكون رائدًا في مجاله ومعينًا وداعمًا في استمرارية أداء الفنون، غير أنه يحافظ على ديمومتها ويقيها من الاندثار، ولعل المخرجات النهائية ستنتج مشاريع كترتيب البيئة التنظيمية للفنون والممارسين، وخلق كيانات ربحية وغير ربحية؛ تساند مسارات التنمية الثقافية الرسمية، وتوازيها لتحقيق رؤية المملكة 2030.
- هناك تنوع لافت للفنون الأدائية والموسيقية في مناطق المملكة، ما الذي تحتاجه كي تبرز وتسطع؟
ليس هناك أدني شك في أن الفنون الأدائية في المملكة متعددة ومتنوعة، وذات دلالات اجتماعية وثقافية مهمة، والبحث فيها يستغرق سنوات، ويتطلب فِرق عمل لإنجاز موسوعات ومكتبات توثيقية.
والذي تحتاجه الفنون الأدائية أن تخصص لها برامج تعليمية، بجانب ابتعاث الشباب لأرقى جامعات
برنامج طروق السعودية؛ رصد وتدوين وتوثيق لفنون تراثية تعكس هويتنا وفخرنا بها.
#هيئة_الموسيقى pic.twitter.com/InbqwmYvcd— هيئة الموسيقى (@MOC_Music) November 9, 2022
العالم، وتسهيل الرخص والموافقات للكيانات غير الربحية كالجمعيات المهنية والتعاونية، وإنشاء منصة رقمية تجمع الفرق الشعبية والممارسين للفنون في المملكة، وتأسيس حاضنة أعمال لإدارة الفرق والفنون، واستمرارية إقامة الفعاليات على المستوى المحلي والعالمي، والنشر والترويج على مستوى الإذاعات والقنوات الرسمية والخاصة.
- برأيك.. هل تعبر هذه الفنون عن الهوية الثقافية لكل منطقة؟
طبعا، تعد الفنون هوية ثقافية لكل منطقة، وهي ممارسات تعبيرية ثقافية تحمل مدلولات الفخر، والشجاعة، والكرم، وحماية الوطن، ولذا فإن دراسة الفنون من الناحية الرمزية توضح أن الأداء الفني هو حالة حركية جسدية، للتعبير عن القيم والمعاني الاجتماعية والإنسانية في كل مجتمع، ونحن نعتز في وطننا بهذه التعددية والتنوعية للفنون وأشكالها وكثرتها، إضافة إلى أنها كنز وطني نفخر به.
- كي يمكننا توريث هذه الفنون للأجيال القادمة؟
من أجل ذلك، على الفِرق المتخصصة في الفنون أن تتحول إلى مؤسسات ترعاها الدولة، فعندما تغدو الفرق الشعبية جمعيات أو قطاعًا خاصًا تستطيع حينئذ إدارة مقدّراتها ومواردها البشرية والمالية، وهذا يدعم نشاطها واستدامته، دون إغفال أهمية التدريب والتعليم والبرامج الأكاديمية.
- هناك من يضيف ويعدّل على العروض الأدائية والطروق، ما رأيك في هذه الاستحداثات؟
هناك نوعان من الفن، الأول هو الفن التقليدي الذي ورّثه الأجداد للأحفاد ومن بعدهم، وهذا فن يعتنى بكافة تفاصيله، ولا يتم تطويره. والآخر هو الفن الحديث القائم على استلهام الفنون التقليدية وتطويرها، كما يعمل بعض الفنانين على استلهام جمل موسيقية، أو أداءات حركية في تأليف العروض الموسيقية والمسرحية والأفلام، ويعدّ فنًا حديثًا مستمدًا من القديم، ولا ضير من وجود الحالتين أو الأسلوبين في حياتنا الثقافية وكلاهما مهمان وضروريان ومكملان لبعضهما.
- ما التحديات التي تواجه الفلكلور والفنون الشعبية؟
من ضمن ما يواجه المجال من تحديات؛ الوعي المعرفي والثقافي بنظرية الفلكلور والفنون الشعبية، والحاجة إلى دعم المختصين، وإدراك أن هذه الفنون هي تخصص لا يحذقه غير الخبير المتعمق والممارس، وأرى أنه لا بد من إنشاء جهات ربحية وغير ربحية بأيسر الطرق والإجراءات، وتكريم رموز الفنون الشعبية وكبار السن الذين أمضوا أعمارهم في ممارسة هذه الفنون، وتسجيل رواياتهم وذكرياتهم حولها.
