حقائق الإنسان الحالي لهذا العصر.. لم يعُد الإنسان هو نفس الإنسان، هل تتفقون معى؟
هناك صفات وضعها الله "سبحانه وتعالى" للإنسان وهو لا يزال طفلًا، وكل الصفات وما يكتسبه ويتعلمه في حياته فيما بعد، هي من صنع الإنسان؛ لأن الخالق "سبحانه وتعالى" يخلق الإنسان أينما كان على وجه هذه الأرض على الفطرة، كالثوب الأبيض الناصع البياض.
ولكن حين اختلت موازين الحياة، وساءت الأحوال، وما اختاره الإنسان لنفسه، وما نراه اليوم، واختلال الثلاثية التي تحكم سلوك الإنسان، هكذا خلق الله الإنسان على الفطرة، لم يُخلق مجرمًا أو ظالمًا أو بدون أخلاق، خلقه الله، ونفخ فيه من روحه، خلقه في أحسن تقويم، وفي أحسن تسوية، وصوَّره فأحسن تصويره، وجعله أجمل المخلوقات وأرقاها، فجعل له عينين، ولسانًا وشفتين، وجعل له السمع والبصر متكلمًا، وأمدَّه بالعقل والتفكير، وجعل له قلبًا ولسانًا ليرتقي في دراسة الكون الذي سُخِّر له، وليعمره، ويكتشف أسراره، وليعبده ويشكره، وأرسل له الرسل لهداية الإنسان، وجعل النفوس آيات لأولي الأبصار، وآيات للذين يعقلون، وآيات لأولي الألباب؛ لكشف أسرار هذا المخلوق الذي جعله الله خليفته في الأرض، وفضَّله على الكثير من خلقه، بقول الله تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)، السؤال الذي يوضح ما نحن فيه اليوم، ما نشاهده من حروب وأمراض وجوع وفقر، ومذلة للإنسان تحاصرنا، وتحاصر سكان الكوكب الذي لم يعُد كما كان، وكل العوامل البيئية والمناخية تشهد ما نحن فيه، وتوقعات العلماء والمحللين وخطورة الكوكب.
وذلك بسبب تفريط الإنسان في الثلاثية (الأخلاق والأديان والضمائر)، وبسقوط منظومة الأخلاق استباح لنفسه كل شيء، وتخلى عن أجمل ما منحه الله، وهي الأخلاق، ولم يكن غريبًا
أن تسبق الأخلاق الأديان، ولهذا نزلت الأديان لتُكمل الأخلاق، ولذلك قال الله "تعالى" للنبي "صلى الله عليه وسلم": (وإنك لعلى خلق عظيم)، وقول الرسول لأصحابه: (إنما بُعثتُ لأتمِّم مكارم الأخلاق)، وجميع الأديان دعوة إلى مكارم الأخلاق، وأكدت الأديان جميعها في كُتبها وشرائعها أن السلوك البشري يدور حول منظومة الأخلاق، وحين يفقد الإنسان أخلاقه قد يفقد دينه، ثم تأتي بعد ذلك نوازع الشر والظلم والعدوان، واختلال منظومة القيم، وانهيار أخلاق البشر، يأتي بعدها تراجع الدين في حياتهم، والضمير ما هو إلا مجموعة مبادئ أخلاقية تتحكَّم في أعمال الشخص، وأفكاره تبنى عليها تصرفات الشخص، ويتشكل الضمير من خلال القِيَم، وتتشكّل من خلال بيئة الإنسان التي يعيش فيها، ويحدد الضمير درجة نزاهة الفرد، ويقيّم المعلومات التي يتلقاها الإنسان، ثم يحدد طبيعة التصرف من خير أو شر.
إنها ليست نظرة تشاؤم، وإنما ما نشاهده اليوم من تصرُّفات وسلوك، والتخلي عن الأخلاق، والبدء في تشويه صور الأديان، رغم أن الله "سبحانه وتعالى" أرسلها للناس جميعًا.
[email protected]