تشهد فعاليات مهرجان «واحة الأحساء»، الذي تنظمه هيئة التراث، ومحافظة الأحساء، بالتعاون مع أمانة الأحساء، والمقامة في 6 مواقع تاريخية وترفيهية، تزامنًا مع مونديال كأس العالم في قطر، إقبالًا كبيرًا من الزوار من داخل المحافظة وخارجها من مناطق المملكة، ومن السياح وزوار كأس العالم؛ للاستمتاع بما يقدم من برامج وفعاليات متنوعة جاذبة، فيما أوجدت بلدية سلوى 2000 موقف جديد لاستيعاب الإقبال المتزايد من الزوار.
وفي سلوى، قال رئيس البلدية م. راشد المسلمي: بعد مباراة منتخبنا الوطني أمام منتخب بولندا في الجولة الماضية من مونديال كأس العالم، ونظرًا لما شهدته المدينة من حضور جماهيري كبير، بدأنا مباشرة بالعمل على إنشاء مواقف إضافية للسيارات وصلت إلى 2000 موقف، بالإضافة إلى المواقف المسفلتة التي تم تجهيزها قبل انطلاق المونديال.
وأكد أن أمانة الأحساء ممثلة بالبلدية في تواصل مباشر مع جميع الجهات المعنية والمشاركة؛ لتذليل المعوقات في سبيل تقديم الخدمة والراحة للزوار.
لوحات دعائية
وأشاد عدد من المسافرين وزوار كأس العالم عبر منفذ سلوى الحدودي، بالجهود المبذولة من هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، وإطلاق منصة «حاضرين» على مختلف الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي، وجاهزية الرقم الموحد الخاص «911» لأي استفسارات تخص المسافر ولأي عمليات أو إجراءات للرغبة في الحضور لكأس العالم.
كما سجلوا إعجابهم الكبير بدور الهيئة من خلال وضع اللوحات الدعائية والترحيبية في مدخل المنفذ قبل الوصول إليه، وكذلك الإضاءة الجمالية المتوافرة في منطقتي القدوم والمغادرة، وحرصها على توفير خدمة الإنترنت للمسافرين.
فنون تراثية
وكان الأمير سعود بن طلال بن بدر محافظ الأحساء، زار، فعاليات مهرجان «واحة الأحساء» في متنزه عين النجم في مدينة المبرز، وتجوَّل في المتنزه، واطلع على الفعاليات، وما يقدِّمه العارضون من فنون تراثية. مثمنًا دعم حكومة خادم الحرمين الشريفين لقطاع التراث في مختلف مناطق المملكة، كما نوه سموه بمبادرة هيئة التراث في تفعيل مواقع التراث الوطني، وفتح أبواب القصور التاريخية للتعريف بحضارة المملكة وتراثها الأصيل.
8 جهات
وكرَّم الأمير سعود بن طلال 8 جهات حكومية مشاركة وداعمة للمهرجان، وهي: أمانة الأحساء، نادي الأحساء الأدبي، جمعية الثقافة والفنون في الأحساء، شرطة الأحساء، الدوريات الأمنية في الأحساء، مرور الأحساء، صندوق تنمية الموارد البشرية في الأحساء «هدف»، جمعية فتاة الأحساء التنموية، وجمعية الآثار والتراث بالمنطقة الشرقية.
خيول عربية
وشهد الأمير سعود بن طلال خلال زيارته متنزه عين النجم، استعراض 5 خيول عربية أصيلة في ميدان رياضة الخيل، وهي خيول متوَّجة في محافل محلية ودولية، بقيادة المدرب السعودي أحمد المجنة «مدرب خيل الجمال في الأحساء»، وجرى اختيار الخيل في الاستعراض، التي تتمتع بـ5 مواصفات وخصال، وهي: الهوية العربية «الشكل العام»، الرأس والعنق، جماليات الجسم، القوام، والحركة، وبلغ إجمالي الخيل في المهرجان أكثر من 30 خيلا.
سوق الحرفيين
وتجوَّل الأمير سعود بن طلال في سوق الحرفيين، الذي يضم حزمة كبيرة من الأركان للحِرَف اليدوية والصناعات التقليدية، التي تشتهر بها الأحساء، من بينها خياطة البشت الحساوي، والخبز الأحمر، والخوصيات، والعطورات، والنجارة، والمنسوجات، ومنتجات النخيل المختلفة، وركن تعريفي يتوسط سوق الحرفيين للقهوة السعودية، وتقديم الضيافة للزوار، كما زار ركن الفنون الجميلة، وبئر عين النجم.
ثروة وطنية
من جهته، أوضح مدير هيئة التراث في الأحساء محمد المطرودي، أن الهيئة اختارت «الاحتفاء بتراثنا كثروة ثقافية وطنية وعالمية» رؤية لها في سبيلها نحو المحافظة على التراث وتنميته.
وأضاف: الأحساء الموقع السعودي الخامس في قائمة التراث العالمي «اليونسكو»، تفتح أبوابها للعالم؛ ليتعرَّف على جانب من التراث السعودي؛ ليستمع في «بيت البيعة» إلى قصة ضم الملك المؤسس -طيَّب الله ثراه- الأحساء عام 1331هـ، ويشاهد في «المدرسة الأميرية» كيف بدأ التعليم النظامي، وتطور قبل نحو 80 عامًا بدعم من الدولة، ويكتشف شموخ ماضينا في «قصر إبراهيم» و«سوق القيصرية»، ويقف على حكايات «قصر محيرس» و«عين نجم».
التطوير المستمر
من جانبه، ذكر المتحدث الرسمي لأمانة الأحساء خالد بووشل، أن الأمانة هيَّأت المتنزهات والحدائق والساحات البلدية والمرافق الخدمية بصفة عامة، وأيضًا شاطئ العقير لاستقبال مرتاديه من الأهالي وزائري المنطقة، مؤكدًا أن الأمانة تسعى وفي ظل دعم قيادتنا الرشيدة «يحفظها الله»، إلى التطوير المستمر للشاطئ نظير تنامي معدلات زائريه بنسبة تتجاوز الـ40 ألف زائر في المناسبات والإجازات الرسمية وأيام نهاية الأسبوع، إضافةً إلى تزامن هذه الفترة مع بطولة كأس العالم 2022 في دولة قطر الشقيقة، تدعيمًا للقطاع السياحي في المنطقة.
جلسة حوارية
وتواصلت الفعاليات بمنتزه عين نجم، وقدَّمت على مسرح «الخيالة»، جلسة حوارية بعنوان: «حوار مع باحث: نظرة ثقافية شمولية على الأحساء»، والتي أدارها مدير هيئة الصحفيين في الأحساء عادل الذكر الله مع المفكر السعودي، الباحث في تاريخ الجزيرة العربية د. عبد اللطيف العفالق الذي ذكر أن تاريخنا البشري متجرد من التحيُّز العاطفي أو الأحكام الأيديولوجية المسبقة، حيث تتضافر الأدلة المناخية والبيئية مع أدلة أحفورية آثارية وأنثروبولوجية وأخرى ميثولوجية ودينية، تجتمع لتؤيد أن الجزيرة العربية هي الوطن الأم للإنسان الأول.
وأوضح أن إنسان الجزيرة يقود البناء، وهو بذلك يقود التغيير في المعمورة، وأن الإنسان في الأحساء أو هجر أو دلمون أو الجرهاء أو البحرين، منذ 7 آلاف عام، صنع حضارات وأورثها لأجيال متعاقبة، وكان محور التغيير، وأن التسويق لحضارتنا وثقافتنا يحتاج إلى تغيير يتناغم مع كل حقبة زمنية، ونحتاج لمثل ذلك إلى مشروع ركيزته الأساسية الشباب والصبايا، وأن برامج وتطلعات رؤيتنا المباركة 2030 أحدثت التغيير في وطننا السعودية العظمى.
وأبان أن الأحساء صديقة للطفولة بمبادرة من أمانة الأحساء، ومباركة من اليونيسيف، وأن مرحلة الطفولة متغيّرة بسرعة بين طفولة مبكرة ومتوسطة ومتأخرة، فهذه النظم التي يجب عليها التناغم السريع مع متطلبات خصائص الطفولة.
نقوش جصية
وشهدت المدرسة الأميرية معرضًا للنقوش الجصية مكونًا من عدة أركان «الأحساء تنقش الجصّ»، ويبرز فيه الأحساء، كمحافظة تاريخية، اشتهر أهلها بإبداعهم الحرفي، إذ كانت البيئة خصبة، والفرصة ملائمة، والأدوات متاحة لظهور مجموعة من الحرفيين الأساتذة الذين شيَّدوا صروحًا معمارية بارزة وفنونًا زخرفية أصيلة ليس في الأحساء فحسب، وإنما امتدت أعمالهم لخارجها في الرياض والدمام والكويت والبحرين.
وامتهن الكثير من الأحسائيين مهنة البناء التي كانت توفر فرص عمل مقبولة لمَن هم غير مرتبطين بأعمال أو حِرَف أخرى، إذ كانت تستقطب إليها أي شخص يقوى على العمل، وكان البارع في البناء، والذي يظهر مهارهً عالية في البناء، يلقب بـ«الأستاذ»، وفي الأحساء عدة أماكن تجلب منها الصخور الكلسية التي توجد على شكل مرتفعات بها صخور هشَّة، يتم نقلها لداخل البلد استعدادًا لعملية تحضيرها وحرقها في الصيران المعدة لهذه العملية، كما يتمتع الجص البلدي بخصائص، تجعله من المواد الطبيعية الأساسية في أعمال البناء «الجص العربي، الجص الخكري».
وباعتبار الأحساء أحد الأقاليم الإسلامية التي لها كيانها وطابعها الإسلامي، فإن معظم النقوش الأحسائية تنتمي لحضارة الفن الإسلامي، كالتكرار والتوالد والتماثل وشغل الفراغ وتحوير العناصر الطبيعية بأشكال زخرفية، وتضم بعض المباني التاريخية في الأحساء، إلى جانب النقوش والزخارف، ألواحًا جصية مكتوبة، تُعد شواهد تاريخية على عراقة المباني التاريخية الأحسائية وقدمها، وأغلب تلك الشواهد كانت تبدأ بالآيات القرآنية والأذكار أو أبيات من الشعر، وتختتم بتاريخ بناء أو تحديد المبنى الذي وجدت فيه، وتُعد المساجد أكثر ما ارتبطت به تلك الشواهد، كما في مسجد الجبري ومسجد الدبس والقبة في حي الكوت.