يشهد البشت الأحسائي، اهتماما كبيرا من الزوار، وخصوصا سياح مونديال قطر 2022، ممن حرصوا على التواجد وتعلم حرفة حياكة وخياطة البشوت، والإصرار على معرفة قصة صناعتها وأدواتها وطريقة العمل بها، وحتى حرصهم على عملية التعلم وعلى لبسه.
وأكد زوار كأس العالم، أن هذه الحرفة المتوارثة تمثل هوية أحسائية لا يجيد صناعتها إلا أهلها ومن يحبها ويرغب تعلمها.
تعريف بحرفة الأجداد
في المدرسة الأميرية وضمن فعاليات مهرجان «واحة الأحساء»، الذي تنظمه هيئة التراث، ومحافظة الأحساء، بالتعاون مع أمانة الأحساء، ساهم ركن البشوت وبشكل كبير في جذب الزوار كثيرا، خصوصا زوار كأس العالم، من خلال وجود مجموعة من الحرفيين المختصين في هذا المجال ممن امتهنوا الحرفة وهم صغار في السن وحتى اليوم، بهدف التعريف بتاريخ البشت الأحسائي.
وقال الحرفيون، إن حياكتهم عرفت عند أهالي المحافظة منذ آلاف السنين ومستمرة حتى الآن، كما يعد لبس البشت من ضمن الطقوس اليومية والمناسبات وفي أوقات الصلاة لما يشعر به من يرتديه بالهيبة والوقار. فيما تشارك النساء في التطريز وصناعة الزري المذهب للبشت.
إتقان وإجادة منذ الطفولة
وروى الحرفي حبيب بو خضر وهو أحد المختصين في حرفة خياطة البشوت، قصة نجاح في إجادة الحرفة وتعلمها وهو في عمر 5 سنوات، متأثرا بعائلته التي تميزت واشتهرت بهذه الحرفة.
وقال: بدأت تعلم حرفة خياطة البشوت وأنا صغير في السن من خلال جلوسي في المجالس بين عائلتي سواء المجالس الرجالية أم النسائية، وكنت أشاهد ما يقومون به من أعمال وبكافة الخطوات، ولذلك تأثرت كثيرا بهم حتى أصبحت واحدا منهم أجيدها وأعمل بها حتى يومنا هذا بكل فخر واعتزاز، فهي حرفة الآباء والأجداد المتوارثة التي عرفت في الأحساء وتميزت بها كونها حرفة يدوية تتطلب إتقان العمل وإجادته بصبر.
الحرف اليدوية تجذب زوار كأس العالم
وأضاف بو خضر: زوار مهرجان «واحة الأحساء» المتزامن مع كأس العالم في قطر تجذبهم الحرف اليدوية، ويصرون على الجلوس ومعرفة اسم الحرفة وكافة تفاصيلها، بل ويحرصون على عملية التسجيل لها والتعلم وتطبيق ما يتعلمون حتى وإن أمضوا وقتا طويلا، فهم حريصون على تعلم هذه الحرفة كثيرا.
وتابع: نحرص دائما أن نعرف الزوار بحرفتنا من البدايات مرورا بمراحلها وأدواتها وطريقة العمل بها وصولا إلى تعليمهم يدويا، ومن ثم لبس البشت.
المتر والخشب والمطرقة والكواية.. أدوات إعداد البشت
واستكمل قائلا: ولعل الجميل في ذلك هو السؤال المتكرر عن الأدوات المستخدمة ودور كل أداة فيها، ونوضح لهم أن الأدوات بسيطة ومتوفرة، ومنها اختيار ألوان البشت، ومن ثم الأدوات التي منها «مطوى زري، دريس، مقص، ملزم، كلايف زري، الشمع، قرطاس، شريط مقاس، مطرقة، سيجة قطن، مطوى قطن قيطان، خيط»، وقماش البطاين بالإضافة إلى استخدام المتر والخشب والمطرقة والكواية للخروج بمنتج مميز من المشالح.
وبين أن هناك أنواعا من القماش المستخدم مثل الصوف الياباني والربيعي الصيفي، إضافة إلى وجود دقات تميزه منها «الملكي، المتوسع، المسوبع، المروبع، المثولث».
البشت الأصلية تتراوح بين 3 إلى 7 آلاف ريال
وأوضح بو خضر، أنهم يحرصون على التعريف بألوان البشت ومنها الأسود الذي يعتبر ملك الألوان، وهناك اللون العودي والأشقر والأبيض، وهذه الألوان هي الأشهر.
ولفت إلى أن الأسعار تختلف باختلاف جودتها والعمل بها، مبينا أن الأصلية التي تكون بشغل اليد تتراوح ما بين 3 إلى 7 آلاف ريال وأكثر.
وأضاف: نلحظ حب الأطفال للحرفة وحرصهم على التعلم، ومنهم الطفل يوسف العطية الذي أحب الحرفة كثيرا وأصر على أن يقوم بنفسه بالخياطة بعد المشاهدة، وهذه فرصة كبيرة أن نشجع أبناءنا على مثل هذه الحرفة وتعلمها حتى تستمر ولا تندثر.
إقتناء البشت كهدية تذكارية
تابع بو خضر: هناك من الزوار وكذلك السياح من زوار كأس العالم من يحرص على شراء وإقتناء البشوت الأحسائية، وبعض المنتجات والهدايا، ولذلك حرصنا على أن نقدم منتجات تمثل هوية الأحساء وبطابعها التراثي الأصيل فكان العمل الجاد ومن فترة مبكرة على تجهيز العديد من المنتجات سهلة الحمل ومتنوعة الأشكال، مثل تعليقة النظارة والبطاقة والأساور والقلائد والشنط، وكلها يتم فيها استخدام خيوط الزري والإبرة والشمع والخيوط العادية وتقدم بأسعار بسيطة جدا ولها بطبيعة الحال أثر كبير في نفوس السياح والزوار.
السائح الأجنبي يقضي ساعات لتعلم حياكة البشت
وقال الحرفي عبدالله علي الحمد، «65 عاما»، وهو مختص في حرفة البشوت: بدأت تعلم الحرفة وأنا في عمر الـ8 سنوات وحتى يومنا هذا وأنا أمارسها، ولي مشاركات كثيرة.
وأضاف: كان والدي يقوم بصنع القماش من الوبر وتتم حياكته، ولذلك حرصنا على التعلم بكافة تفاصيل صناعته، إذ كان في السابق مطلوبا ويُلبس يوميا وفي كل مكان سواء في المسجد أو السوق أو المناسبات.
وذكر الحمد أن السائح الأجنبي هو من يحرص ويتمنى تعلم هذه الحرفة، بل تجده يقضي الساعات الطويلة من أجلها، وهذا ما لاحظناه على زوار كأس العالم سواء الكبار أو حتى الصغار.
وأردف: السائح يجد في صناعة البشت الأحسائي بالطريقة اليدوية الأمر الذي يستحق الوقفة والتعلم والسؤال، بل يحرصون على تعلم طريقة لبسه، ولذلك دائما ما نؤكد لهم على أهمية المراحل الأساسية لصناعته، والتي يعمل عليها حوالي 6 أشخاص من الحرفيين المختصين بعد اختيار اللون.
5 مراحل لتعلم حياكة البشت
وبين الحمد أن المرحلة الأولى تعتبر هامة وتسمى مرحلة التركيب من خلال اختيار الخيوط من الزري وخيط مساعد أحمر أو أصفر أو بلون القماش، وتشكل هذه المرحلة الإطار مع تحديد القياسات، ثم المرحلة الثانية تعرف بالهيلة وهي منطقة الصدر وعرض الظهر والأكتاف يتم فيها الاهتمام بالتطريز، وهناك مقاس الحديد الذي يحدد الجزء السفلي في نهاية الهيلة، أما الصدر ويكون بمحاذاة اليد ويمثل هذا الجزء نهاية الهيلة.
وأكمل: المرحلة الثالثة تسمى مرحلة الطوق وهي عبارة عن عمل الإطار الذي يغلف الهيلة، وتأتي هذه المرحلة بعد الانتهاء من الهيلة، ويكون الطوق مماثلا للداير الأول، والمرحلة الرابعة يتم فيها عمل البروج وتسمى بالمسننات التي تشبه في شكلها أسنان المشط المتساوي المتراصة ويسمى السن الواحد منها برج وتتألف من 3 أو 4 طبقات حسب ارتفاع البرج وتأتي بعد الانتهاء من عمل الطوق وهي مكملة لزينة البشت وتزيدها فخامة وزهوا.
وذكر أن المرحلة الخامسة والأخيرة تتضمن عمل المكسر وهو الحبكة الممتدة على أطراف البشت من الصدر إلى الأسفل بمحاذاة القدمين وتمتد من الكتف إلى الكم كما تحيط به.
سمعة دولية
من جهته، أكد المرشد السياحي أحمد الكويتي، أن حرفة صناعة البشوت من المفاخر التي تفتخر بها الأحساء منذ القدم، وسمعة البشوت الأحسائية وصلت للقاصي والداني.
وأضاف: أن السياح حينما يأتون للأحساء يحرصون على رؤية كيفية صناعة البشت والبعض يحرص على اقتنائها كتذكار أو هدايا والبعض الآخر يأخذه الفضول فيتعلم كيفية صناعته من خلال التجربة وأخذ الدورات كما شاهدنا ذلك في المدرسة الأميرية خاصة خلال هذه الفترة المتزامنة مع مونديال قطر.