مع تأزم الوضع الاقتصادي العالمي يعود بنا الأمر لأسوأ أزمة مالية معاصرة حلت في 2008 ومعالجتها، حينها أخذ رؤساء الدول الكبار بالنظرية الكنزية وتوصيات صاحبها البريطاني جون مينارد كينز، ولكن هل هي مناسبة في وضعنا المتأزم؟ في الحقيقة تم نبش جميع النظريات التي تم الأخذ بها في الأزمات السالفة ليعاد تحليلها ومواءمتها للخروج من الأزمة الحالية، إلا أننا في عصر يبدو مختلفا في أدواته وتكويناته ومعايير أزمته وأسبابها، لذا الحلول التقليدية التي تم الأخذ بها ونجحت في أزمة 2008 قد لا تجدي اليوم، حتى الحديث عن النظريات الاقتصادية غير ذي جدوى بل ذهب البعض إلى أنه «وقت انتهائها»، فالمقاييس والأدوات والوضع ومقومات المرحلة كلها اختلفت، حتى أعراض الأزمات والمشاكل باتت مختلفة، والأكثر اختلافا هو الوقت، فنجاح التوصيات لنظريات بعينها سابقا ليس من الضروري أن يكون له ذات النجاح اليوم، وعليه فالحلول لا تجدي.
حتى مقاييس السوق اختلفت فيما بينها، فرفع معدل الفائدة في الدول المتضررة للحد من ارتفاع التضخم وإن لم يكن له تأثير واضح فيها، أحدث خللا لبعض القطاعات ليعرضها لأزمة جانبية كما هي الحال في الولايات المتحدة الأمريكية التي تضرر فيها قطاع الرهن العقاري الذي سبب لنا أزمة 2008. قد لا يكون استمرار رفع سعر الفائدة في دول كالاتحاد الأوروبي أو البريطاني مؤثرا، هناك دول لا تزال مسيطرة على معدل التضخم قد تتضرر من رفع معدل الفائدة أكثر من التضخم، بل قد يؤدي إلى هذه المشكلة.
لم تعد الأزمات الاقتصادية وحلها كما السابق، ولم يعد ربط العالم اقتصاديا مجديا، فالسوق العالمية تتوحد بدون قيود، والحلول تكون وفقا لكل حالة ووضعها، هناك اختلاف يمكن ملاحظته في تمحور الأزمة الاقتصادية الحالية والسيطرة عليها بوقف نزيف الأسواق كل على حدة.
hana_maki00@