من خلال مؤشرات سوق العمل التي يتم الإعلان عنها رسميا بشكل ربع سنوي، يتضح لنا تطور إيجابي في سوق العمل بالمملكة بعد عدة إصلاحات تم تطبيقها على سوق العمل، بالإضافة لتطبيق عدة مبادرات كان لها أثر كبير في رفع أعداد المشتغلين السعوديين لمستويات قياسية، وتخفيض معدلات البطالة.
وزارة الموارد البشرية عملت على عدة مسارات لترقية سوق العمل، ورفع أعداد المشتغلين السعوديين، بالإضافة لتخفيض معدلات البطالة، ومن أهم تلك المسارات التعامل مع جميع تقسيمات الوظائف «التكميلية، التطويرية، العمل المرن»، وعدم الاعتماد على تقسيم واحد وهو الوظائف التقليدية أو ما يُعرف بوظائف «الدوام الكامل».
مؤشرات الانكشاف المهني «الانكشاف الوظيفي» التي تراقبها وتشرف عليها وزارة الموارد البشرية، تعتبر أهم موجه لقراراتها، وتلك المؤشرات توضح درجة الاعتماد «كميا ونوعيا» على العمالة الوافدة، بالإضافة لقياس معدل الإنتاجية ومدى مواءمة مخرجات التعليم مع احتياج سوق العمل في سبيل تحقيق الأمان المهني، وتعتبر من المؤشرات المهمة والخطرة في سوق العمل والاقتصاد بشكل عام، وأنا على يقين تام بأن الوزارة لديها إحصائيات أكثر تفصيلاً فيما يخص التوزيع المناطقي والقطاعي لتلك المؤشرات، مما يسهل من التعامل معها في جميع الظروف.
كوجهة نظر شخصية، وحتى نستفيد من تلك المؤشرات بشكل أكبر، أرى أن توجه الوزارة بالوقت الحالي لتفعيل ما يُعرف بالتوطين القطاعي والتوطين المناطقي، يعتبر خطوة مهمة لنجاح تحقيق العديد من مستهدفات سوق العمل في برنامج التحول الوطني، بالإضافة لمستهدفات الرؤية، والسبب الرئيس لذلك أن قضية البطالة تعتبر قضية تكاملية وليست فردية تتحملها جهة واحدة فقط، والعمل على فصلها «قطاعياً ومناطقياً» يعتبر التوجه والخيار الأنسب للتعامل مع سوق العمل.
التوطين القطاعي من خلال تكامل العلاقات مع الجهات الحكومية ذات العلاقة بقطاعات سوق العمل، له دور كبير في تذليل جميع المعوقات التي تواجه تلك القطاعات، واستغلال بيانات مؤشرات الانكشاف المهني يعتبر أساساً لتلك القطاعات لتشخيص حال الوظائف في قطاعاتها، وكشف التشوهات ومكامن الخلل والضعف ليتيح لها العمل على إستراتيجيات لدعم القطاع نفسه، وهذا ما يسمى بالعلاقة التشاركية والتي تعتبر أساس العلاقة في سوق العمل.
التوطين المناطقي من خلال لجان التوطين في إمارات المناطق، له دور كبير في تحسين مؤشرات سوق العمل بالمناطق الإدارية بالمملكة، وشخصياً ما زلت مقتنعاً بقاعدة «المناطق أدرى بتوطين وظائفها»، وذلك يعود لعدة اعتبارات منها موارد المنطقة وطبيعة منشآت القطاع الخاص فيها، بالإضافة لاختلاف الثقافات وإحصائيات المتعطلين في كل منطقة، وحتى تتميز تلك المناطق في برامجها من المهم أن تشتمل خطة عمل كل منطقة على عدة مسارات وليس فقط بتحديد قرارات للتوطين، وأنا على يقين تام بأن تفعيل دور تلك اللجان بشكل أكبر سيعزز من تحسين العديد من المؤشرات الخاصة بسوق العمل بشكل عام.
ختاما؛ تفكيك وفصل الحلول «مناطقياً وقطاعياً» عند التعامل مع سوق العمل، يضمن لنا تحقيق جميع مستهدفات الرؤية قبل موعدها، ولذلك علينا دعم هذا التوجه بشكل أكبر، مما له انعكاس إيجابي كبير على الاقتصاد بشكل عام.