"كلنا تتملكنا تلك الرغبة، رغبة الخلود في الحياة، فإن لم نخلد بأجسادنا فلنخلد بآثارنا، ولكلٍّ آثاره".
المقتطف السابق من كتاب يصدر قريبًا عن رحلة الكاتب الصحفي محمد أبوالغيط، الذي رحل عن عالمنا صباح اليوم بعد رحلة في الاستقصاء الصحفي دامت نحو 12 عامًا.
بعقله المتزن وثقافته الواسعة كان محمد أبوالغيط، خريج الطب، صحفيًا كما يقول الكتاب، ونال من التكريمات ما يشهد بموهبة فذة وكتابة رصينة، أوصلته لعقول وقلوب الكثيرين.
تمير أبوالغيط بالأدب الجم والهدوء الواضح الذي يخبئ وراءه حماسًا متفجرًا وأملًا ممزوجًا بالآلام.
قدم أبو الغيط في رحلته بعالم الصحافة على قصرها، العديد من التحقيقات الاستقصائية التي شملت انتهاكات حقوق الإنسان، وقضايا تجارة السلاح الدولية، وجماعات التطرف.
كما كان لمحمد أبوالغيط تحقيقات في الفساد وتتبع الأموال.
من الطب إلى الصحافة
لم يكن قرار خروج الشاب الأسيوطي المنشأ محمد أبوالغيط من مجال الطب ليلتحق بالعمل الصحفي وليد لحظة فراغ، إذ أن موهبة الكاتب الشاب وشغفه بالمهنة منذ صغره قدرا له أن يكون كاتبًا لامعًا، حتى بعد أن قرر الالتحاق بكلية الطب والعمل بعدها بأحد مستشفيات القاهرة.
من جريدة الشروق التي دخلها عام 2010 بدأ أبوالغيط مسيرته الإعلامية بقسم التحقيقات، وبدأت كتاباته تحقق صدى واسع في الوسطين الإعلامي والصحفي، حتى قرر ترك الصحيفة في 2015 ليستكمل رحلته في مكان آخر.
جوائز محمد أبوالغيط
في فبراير 2021، استلم أبوالغيط جائزة فيتيسوف للصحافة، عن تحقيق كتبه عن الشبكة المالية لمؤسسة RSF السودانية، وفي سبتمبر من ذات العام حصل على جائزة هيكل عن تحقيقاته الاستقصائية.
وقبلهما في عام 2014 حصل على جائزة سمير قصير لحرية الصحافة من الاتحاد الأوروبي، كما حصد جائزة جمعية مراسلي الأمم المتحدة عن تحقيق أجراه حول تمويل الحروب.
وكان آخر تكريم له من منتدى مصر للإعلام الأسبوع الماضي، قبل أيام من وفاته، لإسهاماته العديدة في المجال الصحفي وتجربته الملهمة.
Delighted to announce that we, @nickpdonovan, @RichyK37 and my self, have been awarded with Fetisov Journalism Award @fjawards, 1st Prize in "Outstanding Contribution to Peace" for our work on financial network of the Sudanese RSFhttps://t.co/0ICi1LYJaXhttps://t.co/Ow3yWCTVWG pic.twitter.com/xHmBgVcN82— mohamed abo-elgheit (@MohAboelgheit) February 10, 2021
الرحلة الأخيرة
غادر أبوالغيط إلى لندن ليبدأ فصلًا جديدًا ومهمًا من حياته، وخلال وجوده في بريطانيا أصقل مهارته أكثر.
تطورت قدراته المهنية بشكل كبير، وأصبح واحدًا من أهم صحفيي التحقيقات الاستقصائية فى العالم العربى.
أخذ نجمه في السطوع منذ عام 2015، كما يقول الكاتب الصحفي أحمد عبد ربه في مقال نشر في 3 ديسمبر الماضي بصحيفة الشروق.
يقول الكاتب: "قابلت محمد خلال زيارتي للندن، ورغم التألق النجومي الكبير الذي حظى به، فهو لم يتغير وظل كما كما قابلته أول مرة، صاحب أدب ودماثة خلق واطلاع وثقافة واسعة"
في مدينة الضباب ظل محمد مستمرًا في عمله ومركزًا على تحقيق إنجازاته، حتى أصيب بمرض لعين استقر في جسده وأعياه، كان سرطان المعدة الذي لازمه منذ إصابته به قبل نحو عام.
وبعد رحلة من المعاناة مع السرطان، رحل أبوالغيط إلى الضوء، كما يقول، مسلمًا روحه إلى بارئها، ليرحل عن عالمنا فجر اليوم.