نسمع دائما معلومات تاريخية عن أمراض السل والطاعون والدفتيريا والجزام والحصبة وغيرها، فلا يلبث الخوف أن يستقر في قلوبنا حتى نطمئن ثانية عندما نتذكر أنه جرى القضاء على هذه الأوبئة المميتة، وصارت تختزل في الذاكرة بوصفها أمراض منقرضة، لكن الأمر ليس كذلك تمامًا، المعلومة السيئة أن معظم هذه الأمراض المنقرضة عاودت الظهور مجددًا، رغم التطور العلمي والطبي الذي وصلنا إليه.
وفي التقرير التالي نستعرض تاريخ انقراض هذه الأمراض، ثم مفاجأة ظهورها غير السعيدة مرة ثانية.
مرض السل أو الدرن المنقرض
لم تستمر حالة الفرح والاطمئنان كثيرًا بعدما أعلنت إدارة الصحة الأمريكية، تسعينيات القرن الماضي، القضاء نهائيًا على السل أو الدرن، لكن المرض الذي ظهر أول مرة عام 1882 في أمريكا وأوروبا كان له رأي آخر، كأنه لم يغب ويختف إلا ليعود بصورة أقوى.
عاد السل للظهور في السنوات الأخيرة بشكل جديد وباسم السُل المقاوم لأدوية متعددة، فلم تعد الأدوية المكتشفة لعلاجه ذات جدوى أو نتيجة.
الدرن أو السل عدوى جرثومية تصيب الغدد الليمفاوية وتنتشر في كل أنحاء الجسم، ويمكنها العيش لفترات طويلة في الجسم في وضع ثابت، فيما تنشط وتؤدي لموت أنسجة العضو الذي تهاجمه، إن كانت مناعة المصاب ضعيفة، وتنتقل لمن يقترب من المريض عن طريق التنفس.
وأعراض الدرن أو السل تتشابه مع الكثير من الأمراض الأخرى، وهي سعال وبلغم مصحوب بالدم، وارتفاع درجة الحرارة، والتعرق الليلي، وآلام في الصدر، وفقدان في الشهية والوزن.
الدفتيريا مرض عائد من الانقراض
في بدايات القرن الـ19 في بريطانيا انتشر مرض الدفتيريا أو الخناق، وتسبب في وفاة عشرات الآلاف، إلى أن تمكن الطبيب الأمريكي جوزيف اودواير من اكتشاف أول علاج فعال في الفترة ما بين 1841 حتى 1898.
وخلال فترة البحث عن علاج، وصلت حالة التوتر إلى ذروتها، خاصة بعد أن لقي عددًا من الطبقة الأرستقراطية والحاكمة مصرعهم إثر إصابتهم بالدفتيريا، مثل الأميرة آلس ابنة ملكة بريطانيا فيكتوريا، ما جعل رحلة إيجاد العلاج مدعومة من المملكة.
بعد ظهور العلاج ومن بعده المضادات والأمصال التي تمنع الإصابة بالمرض في المستقبل، اندثر الخناق ولم نعد نسمع به، لكن الأمر تغير الآن، وعاد الدفتيريا مجددًا، ليبث القلق في القلوب.
والدفتيريا يسد مجرى الهواء فيصعب التنفس أو البلع ويؤدي لسعال نباحي، وينتج سمًا "ذِيفانًا" يُحدث لَطْخة سميكة رمادية أو بيضاء في مؤخرة الحلق، وعادة ما يصيب الأشخاص من خلال الملامسة المباشرة أو استنشاق الرذاذ المتطاير من المصاب، أو حتى بلمس ملابسه.
مرض الطاعون "المبيد"
من أقدم الأمراض الذي سمعنا عنها، كان يبث الرعب في القلوب بمجرد ذكره، فاسمه مرتبط بإبادة مدن بأكملها في العصور الوسطى، لكن انتشاره بدأ في الاضمحلال والانحسار إلى أن اختفى تمامًا، ليعاود الظهور مرة أخرى في منتصف القرن التاسع عشر، ويودي بحياة الآلاف ويستقر في أجزاء من أفريقيا، وآسيا، وأمريكا.
عدوى الطاعون البكتيرية تنتقل بأكثر من طريقة، أشهرها لدغات البراغيث المصابة به والفئران، والسناجب، والقوارض بشكل عام، وكذلك من التلامس المباشر للأنسجة التي تحتوي على العدوى.
ويمكن علاجه بتناول المضاد الحيوي قبل مرور 24 ساعة على الإصابة به، وإلا سيتمكن من الجسد ويؤدي للوفاة.
أعراض الطاعون، ارتفاع شديد في درجة الحرارة بشكل مفاجئ، ونوبات قشعريرة في الجسم، والضعف، والتقيؤ، وآلام الرأس والجسم بشكل عام.
الحصبة تعود من جديد
الحصبة تعد من الأمراض المنقرضة، أو التي جرى القضاء عليها في عام 2000 واطمأن الناس إلى اختفائها، إذ كانت تصيب الأطفال ويزداد انتشارها في مرحلة الدراسة، علاوة على إمكانية إصابة الكبار في حال عدم الإصابة بها في الصغر.
والحصبة عبارة عن التهاب يصيب المسالك الهوائية في الجهاز التنفسي، وتحدث بسبب الإصابة بفيروس شديد العدوى، ولا تظهر أي أعراض حتى مرور نحو 11 يومًا على الإصابة.
وتكون على شكل ارتفاع شديد في درجة الحرارة، والسعال الجاف، والزكام، وانتشار نقاط صغيرة باللون الأبيض، ولها مركز أبيض في داخل الفم، علاوة على حدوث طفح جلدي.
الحصبة يستمر الإصابة بها نحو 10 أيام إلى 14 يومًا، وعاودت الظهور بقوة مرّة أخرى بعد جهود كثيرة ومحاولات للقضاء عليها.
الحمى القرمزية
أزعج الناس في القرن الثامن عشر مرض الحمى القرمزية، الذي كان يصيب الأطفال غالبًا، من عمر سنتين إلى 10 سنوات.
كما كان يصيب الكبار في بعض الأوقات، ويكون علاجه من خلال المضادات الحيوية، إلى جانب الأدوية الخافضة للحرارة، وانخفض وجوده تدريجيًا حتى اختفى تمامًا.
مرض الحمى القرمزية تظهر أعراضه بعد الإصابة بجرثومة عقدية بيومين، على شكل حمى شديدة، وقيء، وضعف في الجسم، وآلام في الرأس والبطن، ولون أحمر مع نقاط بيضاء على اللسان، وطفح جلدي بسيط، عاد الظهور من جديد في السنوات الأخيرة.