@nayefcom
أن يكون لك صاحب يقرأ تفاصيلك من عينيك، قبل أن تنطق بشفتيك، ويبادرك بعذب الماء قبل أن تظمأ، ويلزمك في حال تعبك حتى تبرأ، فلا حاجة لك أن تشرح له ما بك، لأنه أعلم بك منك، ويعرف ما يخالجك وما يسعدك وما يؤذيك، فيحملك من ضيقك إلى سعتك، ومن ترحك إلى فرحك، ومن أرقك إلى راحتك، بل حتى هاجسك الذي لم تبح به لأحد، يحاول أن يجد ما يمكنه فعله لك فيكفيك.
فهل يا ترى ستفرط فيه؟ أو تقبل البديل عنه؟ أم يرضيك أن تأتي بما يكدر خاطره؟
أو أن يكون بانتظارك فتتجاهله؟
لا أظنك فاعلا...
فكيف إذا كانت تلك الصاحبة هي «الأم»..
أصدق حبيبة، وأحن طبيبة، وأقرب منك إليك، فلا شيء بالدنيا يعادل حاستها، ولا عمق حنانها وصدق مشاعرها، تفاجئك دائما بالعطاء، دون أن ترتقب منك الرد، وتبادرك بالتضحية دون أن ترجو منك الوفاء.
معادلاتها لا تتفق مع رياضيات الكون، ولا فيزيائيات الحياة، فلا مساواة عندها بين طرفي معادلة البذل، ولا لكل فعل رد مساو له بالقوة، أو معاكس بالاتجاه، فاتجاهها دائما واحد، ونحوك أنت فقط، وكأنها لم تلد غيرك، ولم تر بالدنيا أحدا سواك.
هي باختصار جنة الدنيا، وأسطورة ملهمة في كل بيت، ورحمة منزلة، ومجمع للإخوة والأحبة، ومحبة جامعة بين الرحمة والحنان، والدفء والأمان، نستمد من عينيها الثبات، ومن دعواتها الثقة العظيمة والعزيمة الحازمة للنجاحات، وجودها أمان وحضورها اطمئنان، إن حضرت حضر ذلك كله وإن رحلت فلا تسل عما يرحل معها.
وسل من لم يجد له في حياته أما، يتيما كان أو معنفا أو مغتربا، لتعلم أن النعيم المقيم الذي تحياه، هو كنز من كنوز هذه الحياة.
فكن لها كما هي لك... قبل أن ترحل عنك.