بعد أن أشادت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" ببحث قدمته المتخصصة في الفيزياء الفلكية، أصبحت عضو هيئة التدريس والأستاذ المساعد بكلية العلوم بجامعة جازان، الدكتورة وفاء زكري، أول سعودية تكتشف ظاهرة اللمعان لنجمين في سحابة الجبار الجزيئية، بعد أن أخذ البحث قرابة 6 سنوات لرصد الظاهرة التي أعدتها "ناسا" خطوة مهمة في معرفة كيفية تشكل وتراكم النجوم.
"اليوم" حاورت الدكتورة وفاء زكري، إذ كشفت عن بداياتها مع علم الفضاء ثم انتقلت إلى الحديث عن الدعم والتهيئة لممارسة أبحاثها كما كشفت عن مفاجآت بخصوص بحثها الجديد..
وإلى نص الحوار: -
- حدثينا عن بداياتك مع علم الفضاء؟
بدايتي كانت من سؤال وُجه لي خلال مقابلة اختبار الدكتوراه، حينما سألني بروفسور فلكي في اللجنة "لماذا تظهر النجوم بألوان وسطوع مختلف في السماء!؟" والذي كان شعلة حركت فضولي ناحية النجوم: اختلاف ألوانها، أعمارها، واختلاف سطوعها، ثم قررت بعدها استكمال دراستي في هذا المجال مع نفس البروفسور المهتم بدراسة تشكل النجوم.
- كيف وجدت الدعم والتهيئة لممارسة أبحاثك؟
من لا يشكر الناس لا يشكر الله، وذلك بعد توفيق الله لولا دعم الأسرة والجامعة والمشرفين في البحث ما كنت تمكنت من إتمام البحث، رغم العقبات التي واجهتها فإني وجدت اللمسات الحانية من أسرتي ودعم مشرفي بالبحث بالمساندة والمشورة، وقضاء أوقات طويلة في إتمام المهام حتى خارج أوقات العمل في كل لحظة.
كما وجدت المساندة من المشرف كثيرًا بتوجيهي لأشخاص مهمين في المجال وعرض الدراسة وأخذ آراء من المختصين والعلماء بالمجال حتى خرج بهذا الشكل.
- كيف هي مخرجات البحث العلمي الحائز على الإشادة من "ناسا"؟
أول انفجار لمعاني اكتشف منذ نحو ما يقارب قرن ونادرًا ما شوهد بعد ذلك الحين، في السحابة الجزيئية أورايون والمعروفة بوفرة النجوم الرضيعة، صنف 92 نجمًا على أنه نجم حديث ولادة يعني نجم من فئة صفر، وهو أصغر النجوم عمرًا حتى الآن.
من بين الـ 92 نجم رضيع في هذه السحابة، اكتشفت 3 نجوم حصل لها هذا الثوران اللمعاني، عن طريق تحليل لبيانات من تلسكوب سبيتزر الفضائي التابع لناسا، وكان أول نجم اكتشف في عام 2015 بواسطة Emily Safron والاثنين الآخرين بواسطتي، كما يظهرون بالصور أمامكم لملاحظة فرق اللمعان بين العامين 2004 و2017.
حسب النتائج الحالية حتى الآن، وُجد أن دورة هذه الظاهرة تصل لنحو 15 عامًا، وخلال هذا الثوران اللمعاني يتشكل ما يقارب نصف كتلة النجم الكلي، والنصف الآخر خلال مراحل النمو الأخرى، والتي قد تصل لمئات السنين، والذي دل على أن هذه الظاهرة هي مرحلة أساسية في تطور النجم وتشكله، ولا بد من البحث بشكل أكبر للحصول على نجوم من نفس الفئة لتأكيد صحة الفرضية.
- هل كان لديكم أبحاث تتعلق بعلوم الفضاء بالإضافة إلى ما نُشر؟
لا، ليس لدي بحث آخر، حيث أخذ هذا البحث ما يقارب 6 سنوات لإتمامه، فالأبحاث في الفلك قد تطول، لكن بإذن الله بدأت العمل على كتابة بحث آخر، بالتعاون مع نفس البرفيسور وسيرى النور قريبًا بإذن الله.
- كيف استطاعت الدكتورة وفاء رصد التكوين النجمي؟
النجوم الرضيعة موجودة بوفرة داخل كوكبة الجبار، أي ما يقارب 92 نجمًا من نفس الفئة العمرية روجعت صوره الملتقطة بالأشعة تحت الحمراء من أرصاد تلسكوب سببيتزر الفضائي عام ٢٠٠٤، ومقارنتها بصور أعوام أخرى تمتد لـ ٢٠١٧ وجد أن هذين النجمين تغير سطوعهم بشكل ملحوظ، وبعدها تأكد من الظاهرة باستخدام أرصاد أخرى من تلسكوبات أخرى بما فيها تلسكوب هيرشل الفضائي التابع لوكالة الفضاء (WISE) ذلك مستكشف المسح بالأشعة تحت الحمراء واسع المجال (صوفيا)، ومرصد الستراتوسفير المحمول جوًا (ESA) الأوربية.
- ما الأسس التي اعتمدتها "ناسا" للتقييم والإشادة بالبحث؟
نتائج البحث الجديدة أثبتت أن سحب الغاز تنهار لتشكل نجمًا، وأن هذه فعليا عملية إنشاء النجوم في الوقت الفعلي، حيث اعتبرت ناسا أن هذه الدراسة تعد خطوة كبيرة إلى الأمام سوف تساعد الفلكيين في معرفة كيفية تشكل النجوم، وتراكم كتلتها بصورة أوضح، حيث كان تشكل وتطور النجوم الأصغر سنًا يمثل تحديًا للدراسة، لأنها غالبًا ما تكون مغطاة بأغلفة سميكة تشكلت منها وبالتالي يصعب رصدها.
- حدثينا عن شعوركم بهذا الإنجاز؟
شعرت بمشاعر مختلطة ما بين شعور المفاجأة والسعادة والامتنان، خصوصًا لكل من ساندني ولكل اللحظات الصعبة والعقبات التي واجهتها خلال فترة الدراسة والبحث، حتى أصبحت متأكدة أن كل الجهود المبذولة والوقت المعطى للشيء ستثمر ثماره يومًا ما.
- ماذا عن آمال وطموحات الدكتورة وفاء؟
أطمح لزيادة الثقافة والوعي بعلوم الفلك وزيادة اهتمام المجتمع بهذا العلم للجميع، والذي يدعونا للتفكر بصنع الخالق وإيجاد حلول للتساؤلات العلمية والوصول لمعرفة واسعة في التغيرات الحاصلة في الكون، والتي بلا شك سوف تكون داعمة للمهتمين في هذا المجال الواعد.
- سطور عن الدكتورة وفاء زكري
تخرجت الدكتورة وفاء حسن زكري في تخصص الفيزياء الفلكية بعام 2020 من جامعة توليدو في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي أول عضو سعودي في المجموعة الدولية البحثية لدراسة تشكل النجوم.
كما أنها مساعدة رئيس قسم الهندسة الصناعية بجامعة جازان، وعضو هيئة التدريس بجامعة جازان، والأستاذ المساعد بكلية العلوم.