الأبناء هم الحياة وهم حديث اليوم بل هم محل اهتمامنا جميعا منذ الخليقة نتمنى صلاحهم ندعو لهم دائما وأبدا أن يحقق الله لنا فيهم ما نريد من خير..
(هو الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين) الأعراف ١٨٩.
فكلما بلغنا قدرا كافيا من النضج أدركنا نعمة وجود الأبناء وطلبنا من الله صلاحهم فبهم تقر أعيننا وبهم تزدان الحياة.
ولكن ما يؤلمنا هو ما نراه بالمقابل فهناك صور مفزعة لنوع من الأبناء، وجودهم يسيء إلى الآباء فنراه يضيق من التوجيه وينكر فضل والديه عليه.
لا شك أن المسؤولية كبيرة على الآباء وخاصة أن الدور التربوي للأسرة في عصر التحديات لم يعد له ذلك التأثير القوي. ومع تلك التحديات والصراعات كذلك أصبح للأبناء دور في إسعاد الآباء أو إشقائهم فالحياة كلما تعقدت زادت أعباء الآباء في تربية أبنائهم، ومن أهم التحديات التي تواجه الأسر هي الحياة المادية فمطالب الأبناء لا تنتهي فالطابع المادي غلب على تفكيرهم فلا يصلون إلى حالة الرضى التي كانت لدى الآباء وهم في نفس المرحلة العمرية، فما أن توفر لهم جميع متطلباتهم نجدهم يتطلعون إلى غيرها وهكذا!!
سيطر ة الأبناء على الآباء في هذا الزمن على عكس ما ينبغي أن يكون عليه الحال. فبدلا من أن يوجه الآباء أبناءهم فإننا نلاحظ أن الأبناء هم من قاموا بالدور فأصبح لهم القرار في اختيار أغلب أمور الأسرة ومنها اختيار مكان البيت على سبيل المثال. كذلك نجدهم يختارون مكان قضاء العطل، الصغير منهم ما أن تدخل الأسرة أحد المتاجر للتسوق إلا وتراه يركض إلى ما يعجبه متجاهلا رأي والديه. أمور تفصيلية كثيرة نلاحظها على الأبناء كذلك نلتفت إلى موجة الكسل التي يمر بها الكثير من الأبناء وعدم الرغبة حتى في تصفح كتاب وتدني المستوى العلمي لدى الكثير منهم.
وهناك ما يسمى بصراع الأجيال وهو الفجوة الكبيرة الموجودة بين تفكير الأبناء والآباء وعدم التفكير في الاستفادة من خبرات جيل الكبار. حيث سيطر عليهم الغزو الفكري والثقافي بسبب ما يشاهدونه ويستمعون إليه عبر وسائل الإعلام المختلفة من أفكار وقيم قد لا تكون في كثير من الأحيان مطابقة لقيم مجتمعاتنا وهناك الكثير من التحديات التي تواجه الأسر، وتؤثر سلبا على قيامها بدورها التربوي المطلوب.
إننا نعيش في عصر يحكمه الأبناء، والحقيقة أن هذا الموضوع يتطلب الوعي الكامل على مستوى الأسرة، بل على مستوى الدولة كذلك، وفي ذلك نرى أن الأسرة تواجه كثيرا من التحديات المعاصرة قد تؤدي إلى قصور دورها التربوي، وفي نفس الوقت نجد أيضا أن الأسرة هي القادرة على مواجهة تلك التحديات والتغلب عليها، حتى تستعيد دورها التربوي الفعال.
@hafdahkhaldgof