في سعيٍ حثيث للعديد من الدول نحو المحافظة على كوكبٍ نظيفٍ خال أو ذي مستويات دنيا من الانبعاثات الكربونية ذات التأثير المباشر على مشكلة الاحتباس الحراري من جهة، ولمواجهة الآثار الاقتصادية المترتبة على عدم استقرار أسعار الطاقة العالمية من جهة الأخرى، فقد تبنت عدد من الدول مبادرات هامة في هذا الخصوص، أحد هذه المبادرات هي التحول من الاعتماد الكلي على السيارات التقليدية في وسائل النقل إلى السيارات الكهربائية وذلك ضمن المستهدفات العالمية للوصول إلى الحياد الصفري المناخي في عام 2050م، والحياد الصفري وفق تعريف مؤسسة «ماي كلايمت» السويسرية أي التحول إلى اقتصاد بصافي صفر من الانبعاثات الكربونية.
ويكمن الفرق الرئيسي بين هذين النوعين من المركبات في أن السيارة التقليدية ذات محرك ينتج الطاقة عن طريق حرق الوقود، وهذا هو السبب في وجود الانبعاثات الكربونية بالإضافة إلى الزيوت والسوائل المستخدمة في أنظمتها الميكانيكية الملوثة للبيئة أيضاً، بينما نجد أن السيارة الكهربائية تعمل بمحرك كهربائي يستمد طاقته من بطاريات الليثيوم القابلة للشحن أي بدون انبعاثات كربونية، وتعتبر هذه البطاريات أقل تلويثاً للبيئة عند التخلص منها مقارنة ببطاريات السيارات التقليدية، وهذه ميزة بيئية أخرى، ولكن يُعاب على هذه البطاريات ارتفاع أسعارها، ويعتبر ذلك أحد التحديات التي تواجه منتجي السيارات الكهربائية، بالإضافة إلى تحديات ذات علاقة بزمن إعادة الشحن وأطوال المسافات التي ممكن أن تقطعها. لذا تعمل الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية بصورة جادة على وضع الحلول التقنية المناسبة للتحديات سالفة الذكر بدعم كبير من حكومات الدول للوصول إلى المستهدفات المنشودة.
وتشير الدراسات والأبحاث التسويقية إلى أن أعداد السيارات التقليدية على مستوى العالم حالياً يتجاوز 1.7 مليار مركبة، ومن المتوقع أن يصل إلى حوالي 3 مليارات بحلول العام 2036، وعلى الجانب الآخر فإن عدد السيارات الكهربائية أقل من 20 مليون مركبة (أي حوالي 1% من إجمالي عدد السيارات في العالم). في خضم هذه التحديات المناخية، وللظفر بالفرص الاستثمارية المترتبة على عملية التحول نحو السيارة الكهربائية تسعى العديد من الدول أن تكون سبَاقة في هذا المجال، فهذا هو الرئيس الأمريكي جو بايدن يطلق تغريدة منذ عدة أيام على موقع التواصل الاجتماعي توتير تحدث فيها عن خطط إدارته التوسع في تصنيع السيارات الكهربائية وجعلها في متناول الجميع ودعم ذلك بشبكة وطنية لمحطات الشحن الكهربائية. وفي ذات السياق نشر موقع بي بي سي الإخباري أن الصين تستهدف أن يصل إنتاجها من السيارات الكهربائية إلى 40% من إجمالي إنتاجها السنوي من السيارات بحلول عام 2025م، بينما تخطط ألمانيا إلى إنتاج 15 مليون سيارة كهربائية بحول عام 2030م.
واستمراراً لدورها الريادي وخططها الاستباقية في شتى المجالات أعلنت المملكة العربية السعودية في الثالث من نوفمبر الماضي عن إطلاق شركة «سير» كأول علامة تجارية سعودية لصناعة السيارات الكهربائية في المملكة، وهي أحد مستهدفات صندوق الاستثمارات العامة تماشياً مع رؤية المملكة 2030، ومن المتوقع أن تصل مساهمة الشركة في الناتج المحلي إلى 30 مليار ريال سعودي، بالإضافة إلى توفير 30 ألف وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر، وتستهدف شركة سير تصميم وتصنيع وبيع السيارات الكهربائية في المملكة والخليج.
abolubna95@