أكد الرئيس شي جين بينج رئيس جمهورية الصين الشعبية، أن "قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية" حدث مفصلي في تاريخ العلاقات الصينية العربية وستقود العلاقات والتعاون بين الصين والدول العربية نحو مستقبل أجمل.
وقال بينغ، في كلمته خلال "قمة الرياض الخليجية الصينية للتعاون والتنمية"، التي أقيمت اليوم في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات: "يتواصل الود بين الصين والدول العربية بجذورها في أعماق التاريخ، إذ تلاقت وتعرفت بعضها على البعض عبر طريق الحرير القديم وتقاسمت السراء والضراء في تيار النضال من أجل التحرير الوطني، وحققت التعاون والكسب المشترك في تيار العولمة الاقتصادية، وظلّت تتماسك بالحق والعدالة في العالم المتغير والمتقلب، وبلورت من خلالها روح الصداقة الصينية العربية المتمثل في التضامن والتآزر والمساواة والمنفعة المتبادلة والشمول والاستفادة المتبادلة".
التضامن والتآزر ميزة بارزة للصداقة الصينية العربية
وأضاف: "تثق الصين والدول العربية ببعضها البعض وتربطهما مشاعر أخوية، إذ نتبادل الدعم الثابت في القضايا المتعلقة بالمصالح الحيوية للجانب الآخر, ونتحد ونتقدم معا في قضية تحقيق نهضة الأمة ونتضامن بروح الفريق الواحد ضد جائحة كورونا".
وأشار إلى أن الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية أصبحت قائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة للمستقبل الأفضل، معتبرًا أن المساواة والمنفعة المتبادلة قوة دافعة لا تنضب للصداقة الصينية العربية، ويعد التعاون الصيني العربي القائم على المنفعة المتبادل والكسب المشترك نموذجا يحتذى به، إذ جرى إنشاء 17 آلية تعاون بين الجانبين في إطار منتدى التعاون الصيني العربي.
300 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية
وأوضح الرئيس الصيني، أن السنوات الـ10 الماضية تجاوز حجم التبادل التجاري فيها نحو 300 مليار دولار أمريكي وبلغ رصيد الاستثمار المباشر المتبادل 27 مليار دولار أمريكي وتم تنفيذ أكثر من 200 مشروع في إطار التعاون في بناء الحزام وطريق التي عادت بالأخير على قرابة 2 مليار نسمة من السكان.
ولفت إلى أن الشمول والاستفادة المتبادلة تعد قيم الصداقة الصينية العربية وتتبادل الحضارتين الإعجاب وتسجلان فصولا تاريخية رائعة من التعلم المتبادل والاستفادة المتبادلة.
واستطرد: "تشهد منطقة الشرق الأوسط تغيرات جديدة وعميقة باتت رغبة الشعوب العربية في السلام والتنمية أكثر إلحاحا، وعلى الجانبين الصيني والعربي بوصفهما شريكين استراتيجيين تطوير روح الصداقة وتعزيز التضامن والتعاون وبناء مجتمع مشترك بما يعود بمزيد من الفوائد على شعوب الجانبين.
التمسك بالاستقلالية وصيانة المصالح المشتركة
وأكد بينج، أهمية التمسك بالاستقلالية وصيانة المصالح المشتركة، مشددًا على دعم جهود الدول العربية لاستكشاف طرق التنمية التي تتماشى مع ظروفها الوطنية والتحكم في مستقبلها ومصيرها.
وتابع: "يحرص الجانب الصيني على تعميق الثقة الاستراتيجية المتبادلة مع الجانب العربي، وتبادل الدعم الثابت في مساعي الجانب الآخر إلى الحفاظ على سيادة البلاد، وسلامة الأراضي والكرامة الوطنية وعلى الجانبين تماسك سويًا بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتطبيق تعددية الأطراف الحقيقية، والدفاع عن الحق وحقوق والمصالح المشروعة للدول النامية، وعلينا التركيز على التنمية الاقتصادية وتعزيز التعاون القائم على الكسب المشترك".
توطيد التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والبنية التحتية
وقال الرئيس الصيني، إنه من الضروري تعزيز المواءمة بين استراتيجيات التنمية وبناء الحزام والطريق بجودة عالية، وتوطيد تعاون تقليدي في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والبنية التحتية وغيرها، وتقوية أقطاب النمو المتصاعدة مثل التنمية الخضراء، وخفض الكربون والصحة والاستثمار والمالية, وبحث وفتح آفاق جديدة في مجالات الطيران والفضاء والاقتصاد الرقمي والاستخدامات السلمية للطاقة النووية والتعامل الفعال مع التحديات الكبرى القائمة مثل أمن الغذاء والطاقة.
وأكد حرص الجانب الصيني على العمل مع الجانب العربي على تنفيذ مبادرة التنمية العالمية وتدعيم تعاون الجنوب الجنوب لتحقيق التنمية المستدامة، مؤكدا أهمية الحفاظ على السلام بالمنطقة وتحقيق الأمن المشترك.
الصين تدعم الدول العربية في إيجاد الحلول السياسية للقضايا الشائكة وبناء منظومة أمنية
ولفت إلى أن الصين تدعم الجانب العربي في إيجاد الحلول السياسية للقضايا الساخنة والشائكة وبناء منظومة أمنية مشتركة وشاملة وتعاونية ومستدامة في الشرق الأوسط، حاثاً المجتمع الدولي على احترام شعوب الشرق الأوسط، وإضفاء طاقة إيجابية تخدم الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
وذكر بينغ، أن الجانب الصيني يرحب بالمشاركة مع الجانب العربي في مبادرة الأمن العالمي، وهو على استعداد لمواصلة الإسهام بالحكمة الصينية في تعزيز السلام والأمان في الشرق الأوسط.
#فيديو | سمو #ولي_العهد يعلن عن اختتام "قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية".#القمة_العربية_الصينية#واس pic.twitter.com/VkMtRSpFp8
— واس الأخبار الملكية (@spagov) December 9, 2022
ودعا إلى تعزيز التبادل الحضاري وزيادة التفاهم والثقة المتبادلة، وقال: "من الضروري توسيع نطاق تبادل الأفراد وتعميق التعاون الإنساني والثقافي وتبادل الخبرات في الحكمة والإدارة ورفض الإسلام فوبيا بشكل مشترك وإجراء تعاون في نزع التطرف ورفع ربط الإرهاب بعرق أو دين بعينه.
وشدد على أهمية تكريس قيم البشرية المشتركة المتماثلة في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية، والاستفادة المتبادلة بين الحضارات في العصر الجديد.
بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد
وعبر الرئيس الصيني، عن ارتياحه على ما تم الاتفاق عليه في هذه القمة على العمل بكل الجهود لبناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، مع وضع الخطوط العريضة لخطة تعاون شامل بين الصين والدول العربية؛ بهدف تخطيط آفاق تطور العلاقات الصينية العربية بشكل مشترك كخطوة الأولى لبناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك وتنفيذ الخطوط العريضة لخطة التعاون الشامل بين الصين ودول العربية.
وأبرز حرص بلاده على العمل مع الجانب العربي على تنفيذ الأعمال الـ8 المشتركة خلال السنوات الـ3 إلى الـ5 القادمة التي تغطي المجالات الـ8 وهي: "التنمية، والأمن الغذائي، والصحة، والتنمية الخضراء والابتكار، وأمن الطاقة، والحوار بين الحضارات، وتأهيل الشباب، والأمن والاستقرار ".
وبين أن الجانب الصيني أفاد الجانب العربي بالمحتويات المفصلة للأعمال الـ8 المشتركة، وسيعمل مع الجانب العربي سويا على تنفيذها في أسرع وقت ممكن وتحقيق حصاد مبكر.
القضية الفلسطينية تهم السلام والاستقرار في الشرق الأوسط
وبشأن القضية الفلسطينية قال: "إن القضية الفلسطينية تهم السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وتضع الضمير الأخلاقي للبشرية على المحك ولا يمكن أن يستمر الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني إلى أجل غير مسمى، ولا تجوز المساومة على الحقوق الوطنية المشروعة، ونتطلع إلى إقامة دولة مستقلة لا تقبل الرفض".
ودعا بينغ، المجتمع الدولي أن يرسخ الإيمان بحل دولتين، والتمسك بمبدأ الأراضي مقابل السلام بحزم والعمل بكل الثبات على بذل جهود حميدة لدفع مفاوضات السلام وزيادة المساعدات الإنسانية والإنمائية لفلسطين لدفع الحل العادل والعاجل للقضية الفلسطينية.
الصين تدعم إقامة دولة فلسطين مستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية
وأشار الرئيس الصيني، إلى ترحيب بلاده بالتقدم المهم الأخير الذي حققته الجهود لدفع المصالحة الداخلية الفلسطينية، مجددا التأكيد أن الجانب الصيني يدعم بكل الثبات إقامة دولة فلسطين مستقلة ذات سيادة كاملة على حدود الـ 67 وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب دعم نيل فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وأضاف أن بلاده ستواصل تقديم المساعدات الإنسانية للجانب الفلسطيني بهدف دعمه لتنفيذ المشاريع المعيشية، بجانب زيادة التبرعات لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى.
وأبان أن الحزب الشيوعي الصيني عقد مؤخرا المؤتمر الوطني العشرين بنجاح، إذ تم تحديد المهام والطرق للدفع بالنهضة للصين على نحو شامل من خلال التحديث الصيني، كما رسم الخطوط العريضة الطموحة لتنمية الصين في المستقبل، مؤكدا أن الصين ملتزمة بالحفاظ على السلام في العالم وتعزيز التنمية المشتركة، والدفع إلى بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية مع الالتزام بسياسة خارجية سلمية مستقلة والدفاع عن العدالة والإنصاف الدوليين.
الصين تلتزم بتطوير الصداقة مع الدول على أساس المبادئ الـ5 للتعايش السلمي
وأكد بينغ، التزام الصين بتطوير الصداقة والتعاون مع الدول كافة على أساس المبادئ الـ5 للتعايش السلمي وتعميق وتوسيع الشراكة العالمية، إلى جانب التمسك بثبات استراتيجية الانفتاح القائمة على كل من المنفعة المتبادلة والكسب المشترك، والدفع بالانفتاح العالي المستوى والتشارك في بناء الحزام والطريق بجودة عالية بما يوفر فرصا جديدة لجميع الدول بما فيها الدول العربية من خلال التنمية الجديدة في الصين.
وفي ختام كلمته، لفت الانتباه إلى أن القضية العظيمة تبدأ بالحلم وتنجز بالعمل الملموس، داعيا إلى تكريس روح الصداقة الصينية العربية، والعمل يدًا بيد على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، والعمل سويا على إيجاد مستقبل أكثر روعة وإشراقا للعلاقات الصينية العربية.