في مسيرة حياتنا نصادف أشخاصا كثيرين وأنواعا شتى من البشر لكن هل صادفت يوما أشخاصا يحملون سمات لافتة ويتميزون بها، سمات توحي بأنها مصدر تميزهم وقوتهم سواء كانت ثقة زائدة بالنفس أو طيبة ودماثة أو استقامة أخلاقية مبالغا فيها وهالة من التقى والورع أو تعبيرات مفرطة عن الرجولة بالصرامة والخشونة..
لو تأملت في هذه الصفات عن كثب لربما لاحظت شيئا من المبالغة فيها، كأنهم يصطنعونها أو يتمادون فيها كثيرا.
أود في سطوري القادمة أن أقدم لك إضاءة حول طبيعة متأصلة في نفوس البشر وهي أن السمات اللافتة والمبالغ فيها للغاية تستقر عادة على قمة سنام السمات المضادة لها، لصرف الانتباه عنها وإخفائها عن الناس!!!
بمرور السنين ينمق الناس صفات في شخصياتهم يزيدون في صقلها ويروجون لأنفسهم من خلالها، لكن السمة المضادة تظل قابعة في ظلالهم ينكرونها ويكبتونها. المتخصصون في دراسة السلوك البشري يتفقون على أنه كلما زاد الكبت زادت قوة تفجر الظل، فكلما تعرض أولئك الأشخاص للمحن والضغوط بتقدم العمر يتصدع ذلك القناع الخارجي الذي يرتدونه فقد أرهقهم الالتزام به واستنزف قواهم فتتمرد نفوسهم الحقيقية وتظهر منها مزاجات وهواجس مستترة، وسلوكيات تناقض تماما مظهرهم وصورتهم الخارجية وغالبا ما تكون سلوكيات مدمرة للذات.
لحماية نفسك يجب أن تحترس وتحرص في علاقتك مع الأشخاص الذين يبدون سمات لافتة مبالغا فيها فلا تأخذك المظاهر والانطباعات الأولية، فقد تتفاجأ بانبثاق تلك السمات المضادة في موقف ما.
من أكثر أشكال السمات انتشارا في مجتمعاتنا الشخص القاسي الذي يبرز صفات رجولية خشنة يبتغي التهويل فيها وتغلب عليه الحدة والتباهي ببطولاته.
هؤلاء الأشخاص تعلموا إخفاء طراوة عودهم وهشاشتهم العاطفية وحساسيتهم القابعة في أعماقهم فهي ترعبهم وتفزعهم وقد تلاحظ أنهم إذا تعرضوا لموقف شعروا فيه بحنو ورأفة يغلب عليهم الحرج ويسارعون إلى إخفاء ما أظهروه بالعنف في الأقوال والأفعال.
في صورة أخرى قد تلاحظ شخصا يكون نموذجا للورع والصلاح ويدور في حلقات المتدينين ويكون فوق مستوى الفساد والشبهات وعنده شفقة دائمة على الضحايا، يتطور هذا المظهر منذ سنوات الشباب الأولى ليكون طريقة للتمويه على توق شديد للسلطة ولفت الانتباه، هذا لا ينفي وجود أهل التقوى والورع الصادقين لكنهم ليسوا في حاجة لنشر أفعالهم على الملأ ولا مطامع لهم في مال أو سلطة، ولتميز الورع الحقيقي تجاهل كلمات الشخص والهالة التي يحيط نفسه بها وصب اهتمامك على أفعاله وتصرفاته وتأمل في مدى استغراقه في ذاته حتى لا تصبح تابعا ساذجا له يستغلك لمآربه.
قد تربطك علاقة بشخص آسر، مجامل لأبعد الحدود متفائل ومبهج ومستعد للمساعدة في أي وقت ومكان فتتسارع وتيرة ارتباطك به وتتعمق علاقتك معه، لكنك تلاحظ بمرور الوقت بعض التصدعات في هذا المظهر فقد يبدى انتقادا لاذعا بلا داع أو يطعن فيك بغيابك أو يفجر أي تصرف تخريبي أو خيانة فيكون نقيضا للشخص اللطيف الذي عرفته سابقا،
هؤلاء الأشخاص لديهم نزعات عدوانية حاسدة يصعب عليهم التحكم فيها، فيبنون بمرور الزمن مظهرا مناقضا لذواتهم ليتمكنوا به من الوصول إلى قوة اجتماعية، لكنه يمتعض من هذا الدور في قرارة نفسه وعندما ينهكه التوتر والجهد ينفجر في وجهك وقد يؤذيك فطيبته شديدة العدوانية !!
فلتحذر من الجانب المعتم في من حولك قبل أن يتسرب في تصرفات تحيرك وتؤذيك وتعلم كيف تميز سمات الظل كي لا تغرق في سميتها.
@wallaabdallagas