@dr_abdulwahhab
جاء في دراسة لباحث ياباني بدعم من الهيئة العامة للاستثمار، أن المؤسسات الصغيرة هي تلك التي لا يزيد عدد موظفيها على 59 موظفًا. وهذا تعريف قاصر؛ لأنه لم يتطرق لرأس المال وطبيعة نشاط هذه المؤسسات الصغيرة، حيث توجد مؤسسات صغيرة بعدد قليل من الموظفين ورأس مال بملايين الريالات.
أرى أهمية صياغة تعريف يناسب طبيعة نشاط المؤسسات الصغيرة؛ لأن التعريف العام لا يساعد كثيرًا على صياغة سياسات اقتصادية دقيقة ومناسبة لخدمة خطط التنمية في المملكة، خاصة ما يتعلق بالمؤسسات الصغيرة التي تواجه العديد من التحديات التي تضعف نموها ومنافستها، وبالتالي تقلل من مساهمتها في التنمية الشاملة وإجمالي الناتج المحلي في المملكة. ومن المؤكد أننا لا نستطيع تقديم تعريف عالمي للمنشآت الصغيرة؛ لأن كل دولة تتميّز باقتصاد يختلف نسبيًّا عن الاقتصادات في الدول الأخرى، بل توجد محددات اقتصادية متباينة لا تساعد على تعريف موحّد؛ لذلك فإنني وبصفة عامة أرى أن الغالبية من الشركات الصغيرة تعمل في مجالات خدمية وحرفية بتكلفة تشغيلية سنوية لا تتجاوز 10 ملايين ريال؛ ما يجعلها تتأثر بالتقلبات الاقتصادية المحلية والعالمية بسرعة وقوة.
وتساهم المؤسسات الصغيرة في التنمية الاقتصادية في المملكة بما تمارسه من نشاطات مختلفة، لذلك من الأهمية تذليل العقبات التي تواجهها لتقوم بدورها التنموي المأمول الذي يخدم الاقتصاد بكفاءة عالية. ولقد كانت بداية المؤسسات الاقتصادية الكبيرة المؤثرة في الاقتصاد الوطني اليوم مؤسسات صغيرة بدعم من الدولة، وبالتالي أصبحت كبيرة، لكن التحولات الاقتصادية العالمية وانضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية جعلت دعمها اليوم صعبًا.
أود تشخيص أهم المشكلات التي تواجه المؤسسات الصغيرة في المملكة، وتقديم الحلول العملية المناسبة. ويُعد الضعف المالي الذاتي من أكثر معوقات نمو المؤسسات الصغيرة؛ لأن توسع عملياتها يعتمد على التمويل المالي المناسب في الوقت المناسب قبل ضياع الفرص.
تحتاج المؤسسات الصغيرة الى مؤسسات تمويلية حكومية وخاصة لتقديم التمويل المناسب بسرعة بعيدًا عن الإجراءات البيروقراطية البطيئة والشروط المجحفة. وقد تكون فرصة مجدية للصناديق السيادية في المملكة لتأسيس صندوق استثماري يقدم التمويل المناسب للمؤسسات الصغيرة وفق حوكمة وضوابط تحفظ حقوق الصندوق، وتسهل للمؤسسات الصغيرة الحصول على التمويل بفوائد مبنية على المشاركة الإسلامية في المخاطرة بين الصناديق والمؤسسات الصغيرة. وقد شهدنا إفلاس عدد من الشركات الصغيرة في السنوات الأخيرة؛ بسبب تراجع أزمة كورونا، وتراجع إيرادات النفط التي أثرت في الدعم المالي الحكومي. أرى أهمية تأسيس صندوق حكومي لإقراض المؤسسات الصغيرة.
ومن الأهمية إقامة مراكز تدريب متخصصة على درجة عالية من الجودة، بحيث يمكن للمؤسسات الصغيرة تدريب موظفيها لصقل المهارات المختلفة في مجالات التسويق والإدارة والتواصل الفعَّال وصناعة القرارات والقيادة والتحفيز والتخطيط والتحكم والرقابة وتقييم الأداء والجودة الشاملة والمالية والمحاسبة ونظم المعلومات، وتحليل البيئة التنافسية، وكل ما يستجد في هذه العلوم؛ لمواكبة المنافسة والمبادرة.
الحقيقة أن الكثير من المنشآت الصغيرة لا تملك الإمكانات المالية لإقامة مراكز تدريب متخصصة.
ليس من السهل الفصل بين الملكية والإدارة في المؤسسات العائلية الصغيرة، حيث نجد المالك يتدخل في القرار الإداري، ويعطل صلاحيات المدير الذي لا ينتمي للعائلة والذي يهمه مصلحة المؤسسة ونجاحها في تحقيق الأهداف التي أسست من أجلها. وهنا نرى ضرورة عدم تدخّل المالك في إدارة المؤسسة إلا إذا كان يديرها بموضوعية ويعرف بكفاءة عالية كيف يوجهها نحو أهدافها.
إن ارتفاع التكلفة الإنتاجية في المؤسسات الصغيرة من أعقد المشاكل التي تواجهها؛ لأنها ترتبط بمشاكل أخرى منها المهارات المتدنية وجودة المواد الداخلة في الإنتاج والكفاءة الإنتاجية، وحجم الإنتاج الصغير (كمية الإنتاج)، وتكلفة البحث والتطوير إن كانت هذه المؤسسات تنتج منتجات ذات علامة تجارية خاصة بها، وكذلك تكلفة الاستثمار في تكنولوجيا الإنتاج.