في عام 2006 على شبه جزيرة بيري لاند، اكتشف العلماء رواسب في أقصى نقطة من شمال جرينلاند بالمحيط المتجمد الشمالي وبها مواد عضوية، يبدو من الفحص الأولي أنها تعود لسنوات ما قبل التاريخ، وهو ما جذب الانتباه وأثار الفضول لمزيد من البحث والفحص، فما وجدوه يشير إلى عالم ضائع مذهل في هذا المكان القصي.
وحينها بذل العلماء جهدًا كبيرًا للكشف عن الحمض النووي في هذه الأنسجة، إلا أنها جميعا باءت بالفشل، فلم تكن الأدوات البحثية كما هي عليه الآن، لكن بتطور الطرق المستخدمة لاستخراج الحمض النووي، كان التعرف على عمر وخصائص هذا الحمض ممكنة.
وانتهى باحثون، في ديسمبر الجاري، إلى نتائج تحليل الحمض النووي بعد استخراجه من الأنسجة، والتي كانت مفاجئة لهم، إذ تبين لهم أن الحمض يعود إلى قرابة المليوني عام، وبذلك يعد الحمض الأقدم في التاريخ، وفقا لما نشره Deutsche Welle.
الحمض كان لعدد من الحيوانات المنقرضة مثل الماستودون - أحد أقارب الفيلة جاب أمريكا الشمالية والوسطى حتى انقراضه مع العديد من الثدييات الكبيرة الأخرى في العصر الجليدي، وذلك قبل ما يقرب من 10 آلاف سنة، ولم يتوقع العلماء وجوده في هذه المنطقة، إلى جانب أخرى ما زالت موجودة مثل الأرانب البرية واللاموس والإوز والرنة.
ويقول مدير مركز لاندبك فاونديشن جيو جينيتكس، والمشرف على تلك الدراسة؛ إسكي فليسليف: "كل ما تم اكتشافه كان مذهلًا ومفاجئًا، لكن وجود "الماستودون" كان الأكثر إثارة، فلم يُعثر عليه في جرينلاند من قبل قط، علاوة على النظام البيئي الفريد لأنواع الطقس القطبي والمعتدل المختلطة معا، وهو طقس لا نظير له في العصر الحديث.
وتابع فليسليف:" الحمض النووي ما زال محافظًا عليه بصورة كبيرة، رغم قابليته للتلف، فمع تلك الظروف المناسبة من تربة صقيعة بدا أنه يمكن أن يعيش لفترة أطول مما كان يُعتقد، لن أتفاجأ الآن في حالة العثور على حمض نووي يعود إلى أربعة ملايين سنة على الأقل".
وتمكن الباحثون من استخراج الحمض النووي من 41 عينة من الرواسب الغنية بالمواد العضوية، حددوا منهم أكثر من 100 نوع من الحيوانات والنباتات.
الجدير بالذكر أن الدراسة أوضحت أن الحمض النووي المجزأ لا يمكن استخدامه لإحياء الأنواع المنقرضة، كما تشير الأفلام والكتب، ولكنه قد يكشف أسرارا عن سبل لتصبح النباتات أكثر مقاومة للاحتباس الحراري.