[email protected]
تفرض التغيّرات والتحدّيات المتسارعة في عالم اليوم تأكيد أهمية إرساء فلسفة التواصل والتفاعل وتعميق ممارساتها ومبادراتها المختلفة مع جميع الأطراف المعنية بعمل الجهات الحكومية، والمواطنين ووسائل الإعلام؛ بهدف المعرفة والنقد البنّاء والإقناع وإنارة الرأي العام، وبناء الشراكات الفعَّالة، وتحقيق النجاح في إطار رؤيتنا الوطنية 2030، ودعم مسيرة البناء التنموي المستدام.
والواقع اليوم أن الجهات الحكومية في حاجة إلى تعزيز التواصل والتعاون مع وسائل الاتصال والإعلام والمؤثرين؛ بهدف إبراز خططها وبرامجها ومنجزاتها، وكذلك تفسير مواقفها أو تبرير أخطائها أمام الرأي العام، بالإضافة إلى إقناع المواطنين حول اختياراتها، وطرق وأساليب تنفيذ خططها وبرامجها ومشاريعها التنموية، حيث يمكن أن تُقدّم إحدى الجهات الحكومية أفضل الإستراتيجيات والخطط، ويمكن أن تُنفّذ أحسن المشاريع، ولكنها لا تنجح في إقناع الرأي العام.
بدأت بهذه المقدمة في هذا المقال، وأنا أذكر بكثير من التقدير ما قامت به هيئة التراث ممثلة بقيادتها التنفيذية، من رد فعل تفاعلي سريع ومسؤول على مداخلتي في تقرير مصوَّر بثته (قناة العربية) مؤخرًا عرّفت من خلاله بقصر الوزية الأثري في الأحساء، والتحديات التي تواجه هذا القصر التاريخي، وضرورة اهتمام الجهات المختصة بحمايته وتطويره، لتأتي الاستجابة الفورية من الهيئة بإطلاق مشروع لـ«التدخل العاجل والتدعيم الإنشائي» لترميم عددٍ من مواقع التراث الوطني المُهمة في الأحساء، مثل قصر الوزية وميناء العقير.
وفيما شمل نطاق المشروع أعمال درء المخاطر، وإجراء الإصلاحات اللازمة وفق الأصول المهنية، وتدعيم الأساسات والأسقف وترميم العناصر المُهمة في المباني التراثية وغيرها، ها أنا ذا أقف اليوم شاهدًا على استمرار أعمال تطوير القصر والعناية به من خلال هذا المشروع، وما يعكسه هذا العمل من روح الاحتفاء بتراثنا ومكوّنات هويتنا الثقافية والعمرانية، فضلًا عما يحاكيه من قيمة ومعنى تفاعل المسؤول مع وسائل الإعلام.
إن التحديّات الحاليّة التي نواجهها، ليست فقط اقتصادية وتنموية، كما يعتقد البعض، لذلك ينبغي على الإعلامي والصحافي والمؤثر، أن يُدرك أنه حائط صدّ رئيس ضد التضليل، وأنه يجب ألا يكون مصدرًا للشائعات، وأنه شريك أساسي في تصويب الأخطاء، ولفت الأنظار إلى أوجه القصور ودعم عملية التطوير والبناء وتنمية الوطن بحكم مسؤولياته والتزاماته الأخلاقية والمهنية.
وفي ظل رؤيتنا الوطنية ومُستهدفاتها التنموية الكبيرة، ينبغي علينا في وسائل الإعلام أن تكون أكثر ديناميكية من خلال تحري الدقة والموضوعية في عرض الوقائع والتحليل والتحقيق والاستقصاء، وكذلك على الجهات الحكومية الترويج لخطط المملكة ومشروعاتها دفاعًا عن المصالح العليا لوطننا الغالي.