@azmani21
هناك نوع من البشر يجد متعته في إحراج الناس، وجرح مشاعرهم، ويظهر نفسه بأنه الناصح والمريد للخير، ويزعم أنه صريح، وأن ما في قلبه يجري على لسانه؛ لذا تجده عندما يجلس مع شخص قد تزوج منذ فترة ليست بالبعيدة، يبادره بالسؤال، ألم تُرزق بأبناء حتى هذا الوقت، ثم يقول هل أجريت تحاليل، هل راجعت طبيبًا، وعلى نطاق آخر، عندما يلتقي بشخص لم يتسنَ له أن يبني بيتًا، فيقول له، يبدو أنك لا تُحسِن التصرف في أموالك، إلى متى ستظل على هذا الوضع، تضيع أموالك في الإيجار، أو تجده يحرج أبًا بلومه أمام جَمع من الناس على تصرُّف خاطئ وقع من أحد أبنائه.
الفظاظة، كما روي عن ابن عباس "رضي الله عنهما"، تكون في القول، والغلظة في الفعل، وكلاهما أمر نزَّه الله نبيَّه عنهما، (ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك)، ولو أنه خصلة طيبة، لتحلى بها النبي "عليه الصلاة والسلام"، وأرشدنا للتحلي بها، بل هي على العكس تمامًا، فهي صفة مذمومة، وتجد أن المتصف بها مكروه منبوذ، يتحاشاها الناس في تعاملاتهم ومجالسهم.
ويرى الكثيرون منا أن من أسلم الطرق؛ لتقليل ضرر هذه النوعية من الناس، تكون عادة بتجنّبهم وعدم الرد عليهم، إلا أن لي رأيًا مختلفًا عن هذا الرأي، ولكني لا ألزم به أحدًا ما، ففي رأيي المتواضع أن هذه النوعية من الناس إذا سُكِت عنها تمادت؛ لذا فالتعامل معها بالرد المهذب يحجم ضررها وغطرستها كثيرًا؛ لأنني أتصوَّر أن أصحاب هذا النوع من الشخصيات يشبه إلى حدٍّ ما موجات المذياع الذي يبث برامجه الإذاعية على الموجات الطويلة؛ لذا فمن الصعب عليه أن يفهم أو أن يستوعب الموجة القصيرة أو حتى المتوسطة، فمثلًا لو قال لك: لماذا لم تبنِ بيتًا حتى الآن، ورددت عليه بأنني لا أستطيع لغلاء البيوت، سيتهمك بأنك رجل غير مدبّر، ولا تُحسِن التصرف في أموالك، وأن هناك أناسًا كثيرين أقل منك دخلًا استطاعوا أن يبنوا بيوتًا، بينما عندما ترد عليه بقولك: وهل اشتكيت لك من ذلك، سيتعجب من ردك ويتراجع عن هجومه؛ لأنك رددت عليه بنفس الموجة الطويلة التي يبث عليها، فجاء ردُّك عليه كالصاعقة.
وختامًا، الرأي لكم إخواني وأخواتي القراء في أن تتحفوني بآرائكم حيال التعامل مع هذا النوع من الناس، وبتجاربكم الشخصية؛ لنستفيد منها جميعًا.
وقال الشاعر:
ومن لم يشكرِ النعماءَ فظُّ
غليظُ الطبعِ لم ينفعْه وعظُ
لأنَّ الشكرَ للأنعامِ حفظُ
ولم يفتِ الفتى بالعجزِ حظُّ