انتهت قمم الرياض الثلاث، وفصلت في مقال سابق نجاح المملكة وقيادتها في القدرة على الحشد السياسي، وترتيب المواقف الدولية، وأعود هنا للحديث حول الصين وعلاقاتها الجديدة بالمنطقتين الخليجية والعربية، في إطار أكثر سؤال تم توجيهه لي من المهتمين، وكان باختصار «هل الصين حليف موثوق»، وهنا أود الإجابة باستفاضة وأبدأ بالتأكيد أن الكلمات الثلاث التي كانت مفاتيح تلك القمم كانت على التوالي «الشراكة» و«الإستراتيجية» و«الشاملة»، وأزعم أن السائلين أو بعضهم قد استنبط من هذه المعاني الثلاثة التي طغت على الخطاب السياسي في القمة أن هذه العلاقات الجديدة تصب بصورة أو بأخرى في معنى الحلف، أو ما في معناه. وبعيدا عن المعاني الدقيقة للأسئلة أحيل إلى المفاهيم العامة في هذه اللقاءات والتي ركزت على أن الصين تقدم نفسها كشريك يمكن أن يعتمد عليه في تقديم العون السياسي والأمني والتنموي للشركاء العرب. وذلك من خلال قدرة الجانب العربي، وعبر بوابة الرياض، على إقناع الصين بتبني وجهة النظر العربية في أكثر من شأن إقليمي بصورة واضحة، مما يعني أن الصين أصبح لها موقف أكثر صلابة وأكثر تحديدا، وهذا الموقف يعد مكسبا جديدا سياسيا للنظرة العربية بكل تأكيد. يؤكد ما ذهبنا إليه ردة الفعل غير المنضبطة من الجانب الإيراني، والذي جاء على لسان أكثر من مسؤول في الدولة ابتداء من وزير الخارجية مع غيره من القيادات السياسية وما أظهره الجانب الإيراني من اعتراض على مفاهيم تبنتها الصين حديثا، تتعلق بمواقف إيران السلبية من موضوع النووي الإيراني، وموضوع الجزر العربية المحتلة من قبل إيران، وموضوع الأدوار السلبية لإيران في زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة العربية وتغذية الميليشيات الإرهابية. يتذكر البعض أن هناك اتفاقية قبل بعض الوقت بين الجانبين الصيني والإيراني حول تعاون عسكري يمتد لسنوات، ومع ذلك بينت الصين بصراحة عبر بيانات القمة انتقادا واضحا للسياسة الإيرانية من المتوقع أن ينتقل هذا النقد العلني لتصرفات سياسية في قادم الأيام. في إيران يقول الإعلام هناك بوضوح إن الصين تخلت عن إيران، ويذهب البعض إلى تبرير ذلك التخلي بالنقاط التالية، أولا أن الصين أيقنت أن وقوفها إلى الجانب العربي يحقق لها من المصالح ما يفوق ما يمكن أن يقدمه الطرف الإيراني، ثانيا أن العرب سيمدون الصين بعصب المستقبل الصيني أي الطاقة، ثالثا أن سلوكيات إيران العدوانية لا يمكن أن تقبل بها الصين كما كان في السابق. هذه الأسباب وغيرها جعلت الناس يسألون عن الحليف الصيني ومدى موثوقيته للشركاء العرب.