تباين آراء واسعة بين المختصين في سوق العمل والموارد البشرية حول مسودة القرار الوزاري لضوابط الإعلان عن الشواغر وإجراء المقابلات الوظيفية، والذي تم الإعلان عنه في منصة استطلاع، ويهدف هذا القرار إلى وضع ضوابط واجبة لتنظيم الإعلان عن الشواغر وإجراء المقابلات الوظيفية، وذلك لدى كافة المنشآت الخاضعة لنظام العمل.
القرار ينقسم لقسمين؛ الأول: مختص في الضوابط الواجبة عند الإعلان عن الشواغر الوظيفية، والثاني: مختص في الضوابط الواجبة عند إجراء المقابلات الوظيفية، وفي هذا المقال سأتطرق لوجهة نظري الشخصية عن القرار، بحكم تخصصي في الموارد البشرية وقربي من سوق العمل وممارسات التوظيف فيه، وقبل ذلك من المهم التذكير بأن قرارات التوظيف تعتبر قرارات داخلية للمنشآت، ولا تعتبر تلك الضوابط تدخلاً في قرارات المنشآت، بل تعتبر تطويراً للإجراءات الداخلية.
فيما يخص الضوابط الواجبة عند الإعلان عن الشواغر الوظيفية، أرى أن القرار لخص أهم الضوابط الرئيسية التي يتم تطبيقها بالوقت الحالي في جميع منشآت القطاع الخاص، التي لديها إدارات احترافية للتوظيف، وتعتمد على تطبيق أفضل الممارسات الخاصة بالتوظيف، وشخصياً أتفق مع كل الضوابط المُقترحة في هذا الجانب، كونها داعما في تغيير ثقافة وممارسات التوظيف العشوائية الموجودة حالياً في سوق العمل.
أما بالنسبة للقسم الثاني من القرار، والمتعلق في الضوابط الواجبة عند إجراء المقابلات الوظيفية، فأرى أن بعض الضوابط تحتاج لإعادة النظر، بسبب صعوبة تطبيقها خاصة للمنشآت متناهية الصغر والصغيرة، منها على سبيل المثال تشكيل لجنة للمقابلات الوظيفية، والتي أرى صعوبة في تطبيقها بالمنشآت التي يقل عدد عمالتها عن ٩ عمالة، وإضافة لذلك توثيق المقابلة كتابياً بشكل واضح بحيث يمكن مراجعتها لاحقاً.
أيضاً من الضوابط المقترحة إشعار المتقدم بموعد المقابلة بمدة لا تقل عن ٣ أيام عمل، وتحفظي في هذا الجانب أن بعض الشواغر قد تستدعي إشعار المرشحين بشكل عاجل وخلال مدة تقل عن ٣ أيام، بسبب الظروف الداخلية للمنشأة أو المسؤول عن إجراء المقابلات الوظيفية فيها، وأيضاً هناك نوعية من الوظائف قد تستدعي إجراء أكثر من مقابلة «عامة وَتخصصية»، وقد يكون كل منها في يوم مستقل، لكن في فترة متقاربة.
إضافة لذلك؛ من الضوابط المقترحة عدم إلزام المتقدم بالإفصاح عن أجره الذي كان يتقاضاه من وظيفته السابقة، وكوجهة نظر شخصية من المهم توضيح السبب الرئيس من توجيه هذا السؤال للمرشحين، والذي يتفق عليه مختصو ومحترفو التوظيف والموارد البشرية بحكم تخصصهم، وهو عدم إضاعة وقت المرشح والمنشأة إذا كان أجر المرشح الحالي أعلى من ميزانية الوظيفة الشاغرة، وأيضاً قد يُستعان به في عملية الفرز النهائية بين المرشحين، ولذلك وجود هذا الشرط من ضمن الضوابط قد يُفهم بطريقة خاطئة بالرغم من وضوح مبدأ «عدم الإلزامية».
كوجهة نظر شخصية وقبل اعتماد القرار؛ هناك أمر مهم يتعلق في هذا الجانب وهو معارض التوظيف، والتي تعتبر البوابة الأهم للباحثين عن عمل، ومن خلالها يتم إجراء العديد من المقابلات الوظيفية، وحسب مسودة القرار يتضح أن هناك بعض الضوابط من الصعب تطبيقها في معارض التوظيف أثناء إجراء المقابلات الوظيفية المباشرة.
ختاماً؛ هذا القرار ما زال تحت الاستطلاع، مما يتيح للجميع مشاركة وجهات نظرهم حوله، حتى نصل لأفضل الممارسات في سوق العمل، فممارسات التوظيف والاستقطاب تعتبر «فنا إداريا» لا يجيده إلا القليل من المنشآت، ولذلك من المهم نشر هذا «الفن» لجميع المنشآت من خلال التثقيف والتحفيز حتى نطور من تلك الممارسات المهمة.